بينهما - إحدى الطريقين، وسلك عبيد الله الطريق الأخرى فلم يلتقوا.
وعرض لعبيد الله بعض العدو فقاتلهم بمن معه فسلبوهم ثم قتلوهم إلا جميعة لا يبلغ عددها الثلاثين، وقتل عبيد الله وأخذت ابنته أم الحكم وهي صبيّة، وبقي ممن معه قوم فكانوا يتنكبون العمران فهلكوا وهلكت دوابهم، وبلغ منهم العطش حتى شربوا أبوال دوابهم وأبوال أنفسهم إلى أن وصلوا إلى البحر، ووافاهم عبد الله بن مروان فكانوا خمسة وأربعين فيهم الحجاج بن قتيبة بن مسلم، فركبوا البحر وصاروا إلى مكة، فيقال إن العامل علم بهم فلم يعرض لهم، ويقال إنه لم يعلم بهم.
وخرجوا مع الحجاج وعليهم عمائم غلاظ وجباب الأكرياء حتى مروا بقوم فرقّوا لهم فحملوهم. وفارق الحجاج بن قتيبة عبد الله بجدة، ثم أتى عبد الله بن مروان ومن معه تبالة بعد أن حج.
قالوا: وأتى عبد الله بن مروان اليمن مستترا فأقام بها ما شاء الله، فدلّ عليه نصر بن محمد بن الأشعث الخزاعي، وكان واليا عليها من قبل أمير المؤمنين المنصور في آخر خلافته فأخذه وبعث به إلى المنصور فحبسه في القصر، فلما استخلف أمير المؤمنين المهدي أراد إخراجه إلى الشام ليخلع نفسه على منابر الشام لأن أباه كان ولاه عهده، وكان أبو العباس الطوسي على المدينة والمطبق والحبوس فبلغه ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين من أشار عليك بهذا الرأي؟ أأبو عبيد الله أم ابن رغبان أم أبو سمير؟. هذا رأي لا تؤمن عواقبه، أيدخل ابن مروان مدن الشام وله في أعناق أهلها بيعة؟ فيقال إن المهدي أراد تخلية عبد الله بن مروان، فقال له عيسى بن علي:
يا أمير المؤمنين إن له في أعناقنا بيعة. فأمر به المهدي فثقل بالحديد وحوّل إلى المطبق، فلم يلبث أن مات.