للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا أن يطير»، فبعث عثمان إلى محمد بن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبجمل عليه كسوة، فأمر بذلك فوضع في المسجد ثم قال: يا معشر المسلمين ألا ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه، فازداد الناس طعنا على عثمان واجتمعوا على ابن أبي حذيفة فرأسوه عليهم.

وكتب إليه عثمان يذكّره برّه به ويقول: «لقد كنت أنكث المخ على المائدة فأؤثرك به، فقد عاد ذلك بالمكروه عليّ أحوج ما كنت إلى شكرك».

فلم يزل ابن أبي حذيفة يحرض أهل مصر على عثمان، حتى سرّبهم إلى المدينة، فاجتمعوا مع أهل الأمصار إليه، فلما حوصر عثمان، وثب هو على عبد الله بن أبي سرح فطرده عن مصر وصلى بالناس.

فلما قتل عثمان، وبويع لعلي بن أبي طالب ولى قيس بن سعد بن عبادة مصر، فقال ابن أبي سرح: أبعد الله ابن أبي حذيفة، بغى على ابن عمه، وسعى عليه فجهز الرجال عليه ووثب بعماله، ثم ولي عليه من هو أبعد رحما فلم يمتّعه بسلطان بلده حولا ولا شهرا، ولم يره لذلك أهلا. وخرج ابن أبي سرح حتى صار إلى معاوية.

ثم إن علي بن أبي طالب اتهم قيس بن سعد بالميل إلى معاوية لكفه عن قتال مسلمة بن مخلد الأنصاري ثم الخزرجي، وكان قد جمع وطلب بدم عثمان، فولى محمد بن أبي بكر مصر، فلما مضت صفين بلغ عليا التياث الأمر على ابن أبي بكر، فولى مصر الأشتر فهلك بالقلزم (١)، وكان من أمر ابن أبي بكر ومقتله ما قد ذكرناه فيما مضى.

وأصيب محمد بن أبي حذيفة فبعثوا به إلى معاوية وكان ابن خالة


(١) السويس حاليا.