وروى أيضا أن الآية نزلت في بني قريظة. فسار إليهم، وقد تحصّنوا في حصنهم. فحصرهم خمس عشرة ليلة. ثم إنهم نزلوا على حكمه، فأمر بهم فربطوا. واستعمل على ربطهم وكتافهم المنذر بن قدامة السلمي، فأتى ابن أبيّ المنافق رسول الله ﷺ، فأدخل يده في جيب درعه من خلفه، وقال: يا محمد أحسن إلى مواليّ، فقال له:«ويلك أرسلني»؛ وكان قد ضمه إليه. فقال له:«أتريد أن تحصد أربع مائة دارع وثلاث مائة حاسر، منعوني يوم الحدائق ويوم بعاث، في ساعة؟ أما تخشى يا محمد الدوائر؟» فقال: «حلوهم، لعنهم الله ولعنه معهم». وأعفاهم من القتل، وأجلاهم إلى الشأم. فنزلوا أذرعات. فلم يلبثوا إلا قليلا حتى هلكوا. وقبض رسول الله ﷺ أموالهم. وكانوا صاغة، لا أرضين لهم. وكان الذي أخذ من سلاحهم ثلاث قسيّ: قوسا تدعى «الكتوم»، كسرت يوم أحد، وأخرى تدعى «الروحاء»، وأخرى تدعى «البيضاء»؛ ودرعين: درعا يقال لها «السغدية»، وأخرى يقال لها «فضّة»؛ وثلاثة أسياف: سيفا قلعيا، وآخر يقال له «بتار»، وآخر لم يسمّ. وثلاثة أرماح. ووجد في حصونهم سلاح كثير، وآلة من آلات الصياغة. فأعطى سعد بن معاذ درعا من دروعهم المذكورة. وأعطى محمد بن مسلمة درعا أخرى. وكان خليفة رسول الله ﷺ على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر أيضا.