الخطاب، ثم اعتمر أبو بكر في سنة اثنتي عشرة، فدخل مكة ضحوة، فأتى منزله وأبو قحافة جالس على باب داره، ومعه فتيان أحداث يحدثهم، إلى أن قيل: هذا ابنك، فنهض قائما، وعجّل أبو بكر إليه قبل أن ينيخ راحلته، فنزل عنها وهي قائمة، وجعل يقول يا أبه لا تقم، فلاقاه فالتزمه، وقبّل أبو بكر ﵁ بين عيني أبي قحافة، وجعل الشيخ يبكي فرحا بقدومه، وجاءه والي مكة عتّاب بن أسيد بن أبي العيص، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، والحارث بن هشام، فسلموا عليه بالخلافة: سلام عليك يا خليفة رسول الله، وصافحوه جميعا، فجعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه يبكي إذا ذكر رسول الله ﷺ، ثم سلموا على أبي قحافة. فقال أبو قحافة: يا عتيق أحسن صحبة هؤلاء الملإ، فقال أبو بكر: لقد قلّدت أمرا عظيما لا يد لي به، ولا قوة إلاّ بالله، ثم دخل فاغتسل وخرج، فاتبعه أصحابه فنحاهم وقال: امشوا على رسلكم. ولقيه الناس يبهشون (١) إليه، ويعزونه عن نبي الله ﷺ، وهو يبكي حتى انتهى إلى البيت، فاضطبع بثوبه - أو قال بردائه - حتى استلم الركن، ثم طاف سبعا، وركع ركعتين، ثم انصرف إلى منزله. فلما كان الظهر، خرج فطاف أيضا بالبيت، ثم جلس قريبا من دار الندوة، فقال: هل من أحد يشكو ظلامة أو يطلب حقا؟ فما أتاه أحد، وأثنى الناس على واليهم خيرا، ثم صلى العصر وجلس، فودعه الناس، ثم خرج راجعا إلى