فما بي إن أقصيتني من ضراعة … ولا افتقرت نفسي إلى من يسومها
عطفت عليك النفس حتى كأنما … بكفيك بؤسي أولديك نعيمها
ورحل فأرسل إليه عبد الملك فرده وقال: يا حارث ترى على نفسك غضاضة في وقوفك ببابي؟ قال: لا والله ولكن طالت غيبتي وانتشرت ضيعتي، ووجدت فضلا من قول فقلت. فقال: كم دينك؟ قال: ثلاثون ألفا. قال: فإنما تختار قضاءها عنك أو توليتك مكة، فاختار توليه مكة، فولاه إياها فقدمها وبها عائشة، فأقيمت الصلاة وهي تطوف فأرسلت إليه إني لم أقض طوافي فقام بالناس ينتظر فراغها من الطواف فكتب بذلك إلى عبد الملك فعزله، وقال: إني لم استعملك لتنتظر بالناس طواف عائشة بنت طلحة. قالوا وكان الحارث بن خالد يحب عائشة وكانت تحبه فخطبها الحارث قبل تزوج مصعب إياها فلم تجبه، فقيل لها: أحبك رجل وأحببتيه حينا، ثم خطبك فلم تتزوجيه؟ فقالت: كان فيّ عيب ما يسرني أن لي طلاع الأرض ذهبا، وأنه اطلع عليه، فقيل هو سوء الخلق، وقيل عظم الأذنين والقدمين.
حدثني الحرمازي عن العتبي عن أبيه عن أبي المقدام عن رجل من أهل مكة أنه قدم المدينة فإذا غلمان بيض عليهم ثياب بيض يدعون الناس إلى الغداء، قال: فدخلت فإذا عائشة بنت طلحة على سرير، وإذا الناس يطعمون، فقالت: يا هذا كأنك غريب؟ قلت: نعم. قالت فمن أين أنت؟ قلت: من أهل مكة، قالت: كيف تركت الأعرابي؟ قلت: من الأعرابي؟ قالت: لا أحسبك تعرفه. اقعد فاطعم، فلما خرجت قيل لي إنما سألتك عن الحارث بن خالد المخزومي، فقال فقدمت مكة فأخبرته فقال: