اليمامة ابن جدعان إلى كسرى، ويقال إن باذام صاحب كسرى باليمن تعبّث بأهل مكة في شيء التمسه منهم، فشخص ابن جدعان في عدة من قريش إلى كسرى يشكونه، فكتب له إلى باذام بما أراد، والله أعلم.
وقال الواقدي في إسناده: كان بنو تيم في حياة ابن جدعان كأهل بيت واحد يقوتهم ابن جدعان، وكان يطعم كل يوم في داره الدهر كله جزورا، فينادي مناديه: من أراد اللحم والشحم فعليه بدار ابن جدعان، ووفد على ملك فارس فقال له: بلغني أنك أعظم العرب مروءة فسلني حوائجك، فسأله طباخا يعمل الفالوذ، فكان يطعمها قريشا.
وكان لرجل من بني جشم بن بكر على رجل من بني كنانة دين، فأعدم الكناني، فأتى إلى الجشمي بقرد فقال: من يشتري هذا القرد بدين الجشمي عليّ، فوثب الجشمي فقتل القرد، فاقتتل بنو كنانة وبنو بكر فأصلح بينهم ابن جدعان، وحمل ذلك الدين.
وكان ابن جدعان يكنى أبا زهير، وفي داره كان اجتماع أهل حلف الفضول حين عقدوه، وقال رسول الله ﷺ يوم بدر:«لو كان أبو زهير أو مطعم بن عدي حيا فاستوهبهم لوهبتهم له».
وسكر ابن جدعان ليلة من الخمر فجعل ليتناول القمر، فأخبر بذلك فترك الشراب وقال:
شربت الخمر حتى قال صحبي … ألست عن الشراب بمستفيق
وحتى ما أوسّد في منام … أبيت به سوى الترب السّحيق
وقال معاوية بن أبي سفيان: إنما تقسم الشرف بعد أبي زهير عبد الله بن جدعان، وكان مقدما عند قريش، ومدح أمية بن جدعان