للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عبد الملك بن بشر بن مروان، وعمران بن موسى العمري من بني تيم قريش، وبعض آل أبي سفيان بن حرب، وخالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط يتوسعون في الطعام ولا يمنعونه من حضر، فقدم الكوفة المغيرة الأعور بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، فكان يطعم طعاما كثيرا خاصا وعاما، وكانت مائدته أسرى من موائد الآخرين، وكان يأمر فتتخذ له حيسة تجعل على الأنطاع فيأكل منها الراكب، ويطعم الناس لحم الجزور في الجفان حتى غمر الباقين، وعجزوا عن مجاراته فأمسكوا فقال الأقيشر:

أتاك البحر طمّ على قريش … مغيريّ فقد راغ ابن بشر

وراغ الحدي حدي (١) … التيم لما

رأى المعروف منه غير نزر

ومن أولاد عقبة قد شفاني … ورهط الحاطبي ورهط صخر

(٢) وابتاع منزل أبي أيوب الأنصاري الذي كان النبي نزله بألف دينار من أفلح مولى أبي أيوب، ونزل أفلح دارا غيرها فكان المغيرة يمر به فيقول:

فريق في الجنة وفريق في السعير، فيقول: فتنتني الدنانير يا أبا هاشم.

ولما اشتراها تصدق بها، وقد صارت دار أفلح لعمر بن بزيع، ودخل داره أعرابي وهو يطعم الناس الثرد وعليها العراق، فلما رآه أعور قال:

الدجال والله، وخرج من الدار مبادرا، ولم يطعم شيئا، وكانت عينه ذهبت بأرض الروم وفيه يقول الشاعر:

لقد علموا أن المغيرة قائل … لمن بين سديها ادخلوا بسلام


(١) الحديا: المنازعة والمباراة. القاموس.
(٢) لم ترد هذه الأبيات في ديوان الأقيشر المطبوع.