للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني محمد بن سعد عن وكيع عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة بمثله (١).

قالوا: وكان عثمان لما قدم من أرض الحبشة استجار بالوليد بن المغيرة، فرد عليه جواره وقال: لا أستجير بغير الله، فحضر مجلسا لقريش وفيه لبيد بن ربيعة الجعفي الشاعر، فأنشد قوله:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل … وكل نعيم لا محالة زائل

(٢) فقال كذبت، نعيم الجنة غير زائل، فقال لبيد: يا معشر قريش، والله ما عهدتكم يؤذى جليسكم فقال رجل منهم: هذا سفيه من سفهائنا ممن فارق ديننا، فرد عليه عثمان حتى قام الرجل فلطم عينه فخضرها، فقال عثمان :

إن تك عيني في رضا الله نالها … يدا ملحد في الدين ليس بمهتد

فقد عوض الرحمن منها ثوابه … ومن يرضه الرحمن يا قوم يسعد

وقال الوليد لعثمان حين رأى عينه: ما كان أغناك عن هذا يا بني؟! فقال عثمان: ما أنا بغنى عنه لأنه ذخر لي عند الله، وإن عيني الصحيحة محتاجة إلى مثل ما نال صاحبتها. فقال: لقد كنت في ذمة منيعة فعد إلى جواري؟ فقال: والله لا أعود في جوار غير جوار الله أبدا، وكان الذي لطم عين عثمان عبد الله بن أبي أمية، فوثب عليه سعد بن أبي وقاص فكسر أنفه فكان ذلك أول دم هريق في الاسلام، وقال قوم هو عبد الله بن عثمان جد


(١) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٢) ديوان لبيد بن ربيعة - ط.١٩٨٤ ص ٢٥٦.