يونس عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: شهدت عمر يوم طعن فما منعني من أن أكون من الصف المقدم إلا هيبته، وكان رجلا مهيبا فكنت في الصف الذي يليه، وكان عمر لا يكبّر حتى يستقبل الصف المتقدم بوجهه، فإن رأى رجلا متقدما من الصف أو متأخرا عنه ضربه بالدرة، فذلك الذي منعني منه فأقبل عمر فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فتأخر عمر غير بعيد، ثم طعنه ثلاث طعنات، قال: فسمعت عمر وهو يقول هكذا بيده وقد بسطها: دونكم الكلب قد قتلني، وماج الناس فجرح ثلاثة عشر رجلا، وشدّ عليه رجل من خلفه فاحتضنه واحتمل عمر وماج الناس بعضهم في بعض حتى قال قائل: الصلاة عباد الله، طلعت الشمس.
فدفعوا عبد الرحمن بن عوف فصلى بأقصر سورتين في القرآن: إذا جاء نصر الله والفتح، وإنا أعطيناك الكوثر، واحتمل عمر فدخل الناس عليه فقال:
يا عبد الله بن عباس أخرج فناد في الناس: أيها الناس: إن أمير المؤمنين يقول أعن ملأ منكم هذا؟ فقالوا: معاذ الله. ما علمنا ولا اطلعنا، ثم قال: ادعوا لي الطبيب فدعي له فقال: أي الشراب أحب إليك؟ فقال:
النبيذ. فسقي نبيذا فخرج من بعض طعناته فقال الناس: هذا صديد، اسقوه لبنا فخرج فقال الطبيب. ما أرك تمسي فما كنت فاعلا فافعله فقال:
يا عبد الله بن عمر ناولني الكتف، فلو أراد الله أن يمضي ما فيها أمضاه، فقال له ابن عمر: أنا أكفيك محوها. فقال: لا والله لا يمحوها أحد غيري، فمحاها عمر بيده وكان فيها فريضة الجد، ثم قال: ادعوا لي عليا، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف وسعدا، فلم يكلم أحدا منهم غير عثمان وعلي ﵃، فقال: يا علي، لعل