وقاص أقدمه المدينة للملح (١) الذي كان بينه وبينه، فكان يعلم الكتاب بالمدينة، فلما علوته بالسيف صلّب بين عينيه، ثم انطلق عبيد الله فقتل ابنة لأبي لؤلؤة صغيرة تدّعي الإسلام، وأراد عبيد الله أن لا يترك يومئذ سبيا بالمدينة إلا قتله، فاجتمع المهاجرون الأولون عليه فنهوه وتوعدوه فقال: والله لأقتلنّهم وغيرهم، وعرض ببعض المهاجرين فلم يزل عمرو بن العاص به حتى دفع إليه السيف، فلما دفعه إليه أتاه سعد بن أبي وقاص فأخذ كل واحد منهما برأس صاحبه يتناصيان حتى حجز بينهما، وأقبل عثمان قبل أن يبايع له في تلك الليالي فكلمه حتى تناصيا، وأظلمت الأرض يوم قتل عبيد الله الهرمزان وجفينة وابنة أبي لؤلؤة على الناس، فلما استخلف عثمان دعا المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا علي في قتل هذا الذي فتق في الدين ما فتق فأجمع المهاجرون على كلمة واحدة يشايعون عثمان على قتله وجلّ الناس مع عبيد الله يقولون: لجفينة والهرمزان أبعدهما الله، لعلكم تريدون أن تتبعوا عمر ابنه، فكثر اللغط في ذلك والاختلاف، وقال عمرو بن العاص: هذا أمر كان قبل أن يكون لك على الناس سلطان، فأعرض عنه، وتفرق الناس عن خطبة عمرو بن العاص، وودى عثمان الرجلين والجارية.
وقال ابن شهاب: قال حمزة بن عبد الله: قال عبد الله بن عمر: يرحم الله حفصة فإنها ممن شجع عبيد الله على ما فعل من قتلهم.
محمد بن سعد عن الواقدي عن موسى بن يعقوب عن أبي وجزة السعدي عن أبيه قال: رأيت عبيد الله وإنه ليناصي عثمان وشعر عبيد الله في
(١) الظئر: العاطفة على ولد غيرها المرضعة له، في الناس وغيرهم، للذكر والأنثى، والملح: الرضاع القاموس.