الله ﷺ، وهو في القدّ، ويده إلى عنقه، فلم تملك نفسها أن قالت: يا أبا يزيد أعطيتم بأيديكم، هلاّ متّم كراما، فقال رسول الله ﷺ:«أعلى الله ورسوله»؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيته على هذه الحال، فاستغفر لي يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ:«يغفر الله لك».
وقال عمر: يا رسول الله، هذا سهيل خطيب قريش فانزع ثنيتيه فلا يقوم خطيبا بك أبدا؟ فقال رسول الله ﷺ:«دعه فعسى أن يقوم مقاما يحمده وينفع الله به». فلما كان يوم الفتح أسلم سهيل فحسن إسلامه، فلما قبض رسول الله ﷺ، كان عتّاب بن أسيد بن أبي العيص على مكة، فقام سهيل فقال: قد تعلمون أني أكثر قريش قتبا في برّ وجارية في بحر، فأقروا أميركم وأعطوه صدقاتكم، وأنا ضامن إن لم يتم الأمر أن أردها عليكم، وبكى وسكن الناس، ورجع عتّاب.
ولما كانت أيام عمر بن الخطاب أتاه سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام بن المغيرة ليسلما عليه، فقدّم عليهما صهيبا وعمارا، فغضب الحارث لذلك فقال سهيل: دعينا ودعوا، فأجابوا وأبطأنا، ثم تغضب إن تقدموا علينا، فأما إذا فاتنا الجهاد مع رسول الله ﷺ فإنا نطلبه بعده، فخرجا إلى الشام مجاهدين فماتا هناك في طاعون عمواس. وكان سهيل لما أسر يوم بدر هرب فخرجوا في طلبه فوجده النبي ﷺ بين سمرات (١)، فأمر فربطت يده إلى عنقه، وجنب إلى راحلته.
وقال الواقدي: رمى سعد بن أبي وقاص سهيلا فأصاب نسأه، فجاء
(١) شجر معروف صغار الورق، قصار الشوك، وله برمة صفراء، يأكلها الناس. معجم أسماء النباتات الواردة في تاج العروس.