رجل شهد الجمعة عند معاوية بالأمس وهو بالجابية، فعرفهما الرجل ولم يعرفاه، فأخبرهما بخبر الناس ثم قال: وخبر آخر أراكما تكرهانه، فقال أبو الدرداء: ويحك لعل أبا ذر نفي؟ قال: نعم، فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات، ثم قال أبو الدرداء أخيرا: ارتقبهم، واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة اللهم إن اتّهموه فإني لا أتهمه وإن استغشوه فإني لا أستغشه، فإن رسول الله كان يأمنه ويسرّ إليه، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد ما سمعت رسول الله ﷺ يقول:«ما أقلّت الغبراء، ولا أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر».
وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن راشد عن مكحول قال: قال رسول الله ﷺ: «ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أحدا أصدق لهجة من أبي ذر».
قالوا: وكان ينكر سيرة عثمان ويذمها، فأشخصه إلى الشام، فأظهر الطعن عليه بالشام، فكتب إليه معاوية بذلك فأمره أن يرده إلى المدينة، فجرى بينه وبين عثمان كلام، فأنزله الربذة.
ويقال إن أبا ذر اختار ألا يساكنه، وأن ينزل الربذة، فلما حضرت أبا ذر الوفاة أقبل ركب من الكوفة فيهم جرير بن عبد الله البجلي، ومالك بن الحارث بن عبد يغوث الأشتر النخعي، والأسود بن يزيد بن قيس النخعي أخي علقمة بن قيس الفقيه في عدة آخرين، فسألوا عنه ليسلموا عليه فوجدوه قد توفي، فحنطه جرير وكفنه، وصلى عليه ودفنه.
وقال بعضهم: صلى عليه الأشتر وحملوا امرأته حتى أتوا بها المدينة،