ولن يبصره من الناس إلاّ اليسير، وهو للناس معروض، ولكن لا يعرفه من لا يراعيه، ولا يجده من لا يبتغيه، ولا يستوجبه من لا يعمل له، ألا ترون إلى كثرة نجوم السماء التي لا يهتدي بها إلا العلماء.
حدثنا أحمد بن ابراهيم، ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو القيسي عن قرة عن عون بن عبد الله قال: بلغني أن رسول الله ﷺ قال: «أربع من الإيمان: الحياء، والعفاف، وعيّ اللسان لا عيّ القلب، والفقه، وهن يزدن في الآخرة وينقصن من الدنيا، وما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقصن من من الدنيا. وثلاث من النفاق: الفحش والبذاء والشح، وهن يزدن في الدنيا وينقصن من الآخرة وما ينقصن من الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا» قال: فحدثت بذلك عمر بن عبد العزيز فأعجبه.
المدائني عن يحيى بن اليمان عن سفيان قال: قال عون بن عبد الله:
الدنيا غير مأمونة، من أكرمها أهانته، ومن رفضها أكرمته تخرج من يد من أطمأن إليها ووثق بدوامها وينالها من لم يكن يرجوها.
المدائني عن جويرية بن أسماء قال: حدث عون بن عبد الله عمر بن عبد العزيز عن ملك بنى مدينة له فأحسن بناءها، وهيأ طعاما للناس فجعل الرجل يأكل ويخرج فيسأله قوم قد وكّلهم بمسألة الناس عن المدينة: هل تعرفون فيها عيبا؟ فجعلوا ينعتون ويصفون، حتى خرج من المدينة رجل قد طعم فقالوا له: هل رأيت في المدينة عيبا؟ فقال: نعم رأيت أنها تخرب بموت صاحبها، فأخبر الملك بذلك فقال: صدق، وترك ملكه وجعل يتعبد مع قوم كانوا يعرفونه وتركهم، وقال: إن هؤلاء قد رأوني ملكا فهم يجلّوني، فاعتزلهم وأتى قوما لا يعرفونه فساح معهم، فهمّ عمر بن عبد