واثلة أخبرني عن رجلين بالمصر صالحين لا يتزاوران ولا يتواصلان؟ فقال إياس: كأنك تسألني عن الحسن وابن سيرين؟ قال: ما أردت غيرهما.
قال: وقال إياس لقوم كانوا يجالسونه من أهل مكة: قدمت بلدكم فعرفت قوما من خياركم وشراركم، قالوا: متى قدمت ومتى عرفتهم؟ فقال: هنا قوم خيار أكفأ منكم قوما، وقوم شرار أكفأ قوما، فعلمت أن خياركم من ألفه خيارنا، وشراركم من ألفه شرارنا.
وقال سلم بن قتيبة: رآني إياس ولا أعرفه ولم يكن رآني قبل ذلك فقال: أأنت ابن قتيبة؟ قلت: نعم. قال: عرفتك بشبه عمك عمرو بن مسلم. قلت: رحمك الله عمي ضخم أمغر (١)، وأنا رجل آدم نحيف، فقال ليس يعسر هذا إنما يعرف بالقلب.
وقدم إياس مكة فقال لأصحابه: هل لكم في سلم بن قتيبة، وهو إذ ذاك ببئر ميمون، هو الجالس في ظل راحلته فنظروا فإذا هو سلم، فقال سلم لإياس: كيف علمت أني سلم؟ قال: حج إخوانك وألاّ فك جميعا وعرفت مذهبك، فعرفت أنك ستتبعهم، ورأيت بعيرا من إبل الملوك عليه رجل من رجال القرى فأوقعت ظني فلم أخطئ.
وكان إياس يقول عرفت الزّكن من قبل أمي، وكانت خراسانية فكانت تخبرني أن إخوتها وأهل بيتها يزكنون ويتفرسون، ولقيت قوما بمكة فعرفتهم بشبه أمي وعرفوني فإذا هم من أهل بيتها.
قالوا: وسمع إياس نباح كلب فقال: كأنه مربوط إلى جانب بئر فوجدوا الأمر كما قال، فقال: سمعت لصوته دويا وصدى.
(١) المغرة: طين أحمر، والأمغر الأحمر الشعر والجلد، والذي في وجهه حمرة في بياض صاف. القاموس.