فاستخفى عند موسى بن يزيد الأسواري وتزوج ابنة امرأته، وبلغ الحجاج مكانه فبعث في حمله فهرب فأخذ الحجاج موسى فقطع يديه ورجليه، ونجا مثجور فأتى المدينة ونزل قصر المطرف، وهو عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، فبعث الحجاج إلى عثمان بن حيان المري، وهو والي المدينة في طلبه وإشخاصه إليه فبحث عنه، وأخبر أنّه في دار المطرف، فهجم في أصحابه فوجد مثجورا يقرأ في مصحف فأفلت من أيديهم فأخذوا امرأته ليقتلوها فصاحت: يا مثجوراه فخرج عليهم مثجور بالسيف وهو يقول:
لقد حذرت لو نجا يوما حذر … والله ما ينفعني يوما أفر
والموت خير لي من وال أشر
وقاتل حتى قتل، فاحتز عثمان بن حيان رأسه فبعث به إلى الحجاج، فأمر الحجاج بإدخال رأسه الديماس وقال: احنثوه وأمر به بعد ذلك فنصب وصلبت جثة مثجور بالمدينة فقال القلاّخ (١):
أمثال مثجور قليل ومثله … فتى الصدق إن صفقته كل مصفق
وما كنت أشريه بدنيا كثيرة … ولا بابن خال بين غرب ومشرق
فإن يأخذوا أوصاله يصلبونها … فلن يدركوا الأرواح جسم محلق
وادعى المطرف على عثمان بن حيان وأصحابه أنهم حين هجموا أخذوا دروعا له، فقال عثمان: وما دروعك يا منكوح، إنما هي دروع النساء، فلما عزل عثمان اقتص له منه، وقد كتبنا خبر المطرف في نسب ولد عثمان رضي الله تعالى عنه.
(١) هو القلاخ بن حزن المنقري. انظر حماسة أبي تمام ص ٥٥٦. الشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٤٤٤.