زرارة لقيطا بالزهو والخيلاء وقال له: لو كنت نكحت ابنة قيس بن مسعود وأفدت مائة من العصافير ما زدت على ما أنت عليه، فلما دخل الشهر الحرام استتبع رجلا من بني دارم يقال له قراد بن حنيفة فركبا حتى أتيا بني شيبان فوقفا على مجلس بني همام بن مرة فقالا: أنعموا صباحا. فقال القوم:
وأنتما. فقال لقيط: أفيكم قيس بن مسعود؟ فقالوا: هو هذا. فقال قيس: ما حاجتك؟ قال: جئتك خاطبا إليك. فغضب قيس وقال:
ألا كان هذا في السر؟ فقال: ولم يا عم، فوالله إنك لرفعة وما بي قصاة، ولئن ساررتك لا أخدعك وإن عالنتك لا أفضحك. قال: من أنت؟ قال: لقيط بن زرارة. قال: كفؤ كريم أنخ فقد أنكحتك القدور بنت قيس، وبعث قيس إلى أمها إني قد أنكحت ابنتك لقيط بن زرارة ولا يجمل بنا أن يبيت فينا عزبا وله فينا امرأة فمري بالبلق (١) أن يضرب ويصلح ما يحتاج إليه، وجلس لقيط مع القوم فتذاكروا الغزو فقال لقيط: الغزو أحدّ للرماح وأدرّ للقاح، والمقام أحبّ إلى النساء وأسمن للجمال، فأعجب قيسا كلامه، وبعثت أم الجارية بمجمر فيها دخنة وقالت لجاريتها: إن ردّها فما فيه خير، وإن جعلها تحته فما عنده خير، فلما جاءته بالمجمر دخّن شعره من كلا جانبيه ثم رد المجمر، فقالت المرأة: إنه لخليق للخير، فلما أجنّ عليه الليل أدخلت الجارية عليه في البلق فضمها إلى نفسه وطرح عليها خميصته فذهب به النوم، فلما رأته الجارية قد نام قامت وذهبت إلى أهلها فانتبه فلم يرها فقام وركب وصاحبه راحليتهما سرا ومضيا، فقال القوم حين أصبحوا: غدر بك. فقال: كلا إنه لأكرم من أن يغدر. ومضى حتى أتى