وكان المنذر بن ماء السماء، وهي أمه من النمر بن قاسط، وهو أبو عمرو مضرط الحجارة وضع ابنا له يقال له مالك، ويقال أسعد، عند زرارة، وكان صغيرا فلما صار رجلا، خرج ذات يوم يتصيد فأخفق، فمر بإبل لسويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم، وكانت عنده ابنة زرارة بن عدس، فأمر مالك، ويقال أسعد، ببكرة منها فنحرت وسويد نائم، فلما انتبه شد على ابن المنذر فضربه بعصا على رأسه فقتله، وخرج هاربا إلى مكة فحالف بني نوفل بن عبد مناف بن قصي، فلما بلغ عمرو بن المنذر قتل أخيه فاضت عيناه وبكى، وبلغ ذلك زرارة فهرب وركب عمرو في طلبه فلم يقدر عليه فأخذ امرأته وهي حبلى فقال: ما فعل زرارة الغادر الفاجر المنتن؟ فقالت: إن كان ما علمته لطيب العرق سمين المزق لا ينام ليلة يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف، فبقر بطنها وانصرف، فقال قوم لزرارة: ما أنت والله قتلت أخا عمرو بن هند فأته فاصدقه فان الصدق نجاة، وهو نافع عنده فأتاه زرارة فاعتذر إليه وأخبره الخبر فأمره أن يجيء بسويد فقال: قد لحق بمكة. قال: فأحضرني ولده من ابنتك فأتاه بهم فأمر بأحدهم أن يقتل فجعل يتعلق بجده زرارة فقال زرارة: يا بعضي سرّح بعضا فذهبت مثلا. وقتلوا أجمعون، وآلى عمرو بن هند بآلية ليحرقن من بني دارم مائة رجل، فخرج يريدهم، وبعث على مقدمته عمرو بن ثعلبة بن ملقط الطائي، فوجد القوم قد نذروا به، فأخذ منهم ثمانية وتسعين رجلا بأسفل أوارة من ناحية البحرين، ولحقه عمرو بن هند في الناس حتى انتهى إلى زرارة، فضربت له قبة، وأمر بإخدود فخدّ لهم، وأضرمت النار حتى إذا تلظت قذف بالثمانية والتسعين الرجل فيها فاحترقوا وأقبل راكب من