الأعراب، فهيأ لهم غداء، وأتي بالمائدة، فوضعت تحت كوة في سطح بيته، ووثب أعرابي من القوم يريد الخلاء، فعمد إلى الكوة وهو يحسبها متوضأ، فإذا الذي خرج منه على المائدة، فنحيت ونزل الرجل، فقال:
أين غداؤكم؟ فقال أبو حزابة أفسده علينا عشاؤك. وكان أبو حزابة يقول:
أشقى الفتيان المفلس الطروب.
وقدم أبو حزابة على طلحة الطلحات، وهو طلحة بن عبد الله بن خلف بن سعد بن مليح بن عمرو بن ربيعة الخزاعي، فأخر عطاءه، وأعطى قوما من خزاعة، فقال لأبي حزابة: نعطيك من صلاتنا ما أحببت سخية بذلك أنفسنا لك، فقال: لا حاجة لي فيما تعطوني، ولكن أقيموا علي يومين أو ثلاثة أيام وقال:
ما زلت أسعى في هواك وابتغي … رضاك وأعصي فيك قومي الأدانيا
وأبذل نفسي في مواطن جمة … وأرجو وأهلي منك ما لست لاقيا
حفاظا وإمساكا لما كان بيننا … لتجزيني يوما فما كنت جازيا
أراني إذا استمطرت منك سحابة … لترويني عادت عجاجا سوافيا
رأيتك ما ينفك منك رغيبة … تقصر دوني أو تحل ورائيا
وأدليت دلوي في دلاء كثيرة … فأبن ملاء غير دلوي كما هيأ (١)
فبعث إليه بصلته ووهب له جوهرا فقال:
أرى الناس قد ملوا الفعال ولا أرى … بني خلف إلا جمام الموارد
إذا نفعوا عادوا لمن ينفعونه … وكأين ترى من نافع غير عائد