لهذين الرجلين أمالهما من أنفسهما واعظ، ولا ينهاهما من الله زاجر؟ وهجا الفرزدق نعيما هذا فقال:
ألا أبلغا عني نعيما رسالة … نعيم بن صفوان خليع بني سعد
فما أنت بالقاري عرفنا قراته … وما أنت في الفساق بالحازم الجلد (١)
وكان خالد بن صفوان من أخطب الناس وأبلغهم وأحدثهم، وكان ذا حظ من السلطان ومال، وكان بخيلا، ويكنى أبا صفوان، وأم خالد وأخيه نعيم: أروى بنت سليم مولى زياد بن أبي سفيان، وقد ولي صفوان أبو خالد أمر بني تميم أيام مسعود، وكان أيضا خطيبا، وأوصى عند موته بمائة وعشرين ألفا وشهد الحسن وصيته فقال قائل لصفوان: لأي شيء أعددت هذا المال وجمعته؟ فقال: لنكبات الزمان، وجفوة السلطان، ومباهاة العشيرة، فقال الحسن: تدعه والله لمن لا يحمدك، وتقدم على من لا يعذرك.
وحدثنا عن هشام ابن الكلبي عن أبيه أن خالد بن صفوان قال:
الصدق محمود، إلاّ صدق ذي السعاية فإنه شر ما يكون، أصدق ما يكون. وقد روي ذلك عن ابن شبرمة.
حدثنا علي بن محمد بن عبد الله المدائني أن خالد بن صفوان قال لبشير بن عبيد الله بن أبي بكرة: إن بشيرا تورّد الأمور جهلا، وارتكس فيها، فلم يقم عليها صبرا، ولم يخرج منها عزما.
قال: وكان بلال بن أبي بردة أمر بتقنيع خالد وحبسه لأنه بلغه عنه أنه