وقال خالد: لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنيء فيجترئ عليك.
قال أبو الحسن: ويقال إن الذي قال هذا سعيد بن العاص، وأنشد:
أما المزاحة والمراء فدعهما … خلقان لا أرضاهما لصديق
ويقال المتمثل بالبيت مسعر بن كدام.
وذكر خالد أبا مسلم فقال:
ألم تر إلى هذا الذي بدا بالخرق … ثم ثنى بالحمق بعد ظلم الخلق
وقال لرجل: قاتله الله أما والله إن قوافيه لقلائد، وإن انبازه لعلائق، وإنه ليملأ الأذن بيانا، ويقري العين جمالا.
وكان خالد يقول: أحسن الكلام ما لم يكن بالبدوي المغرب ولا القروي المخدج، ولكن ما شرفت مبانيه ولطفت معانيه، ولذّ في أفواه القائلين، وآنق السامعين، وازداد حسنا على مر السنين فاجتنته الرواة واقتنته السراة، وكان كعلائق الشعر السائرة، والأخبار الملازمة.
وسمع خالد رجلا من قريش يتكلم فأبلغ وأحسن، فحسده خالد فتعرض له وتحكك فيه، فقال له القرشي: ما أعلم لي يا أبا صفوان إليك ذنبا إلا الاشتراك في الصناعة.
وتكلم خالد بالبادية فقال: يا أهل البادية، ما أحسن بلادكم، وأغلظ عيشكم، وأجفى أخلاقكم، لا تشهدون جمعة ولا تتبغون قاصّا، فقام إليه أعرابي منهم فقال: أما ما ذكرت من خشونة بلدنا وجفاء أخلاقنا فإن ذلك كما ذكرت ولكنكم معشر أهل الحضر تنقبون الدور، وتنبشون