للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ذنبا تابعا وخفا موطوءا وزمعا زائدا، ما قامت النساء عن مثل ابن عائشة (١) ، فإنه تفقد أرحامه وأهل قرابته فغسل غثايتها وألحق خسائسها، وبعثهم بالعراق جباة ونكاة، فلما خانت جباتها وضعفت نكاتها حدر عليها بشرا (٢) بغير مال محمول، ولا جند مفصول، ولا سيف مسلول، فأتاها حين تضايق حلق البطان مشمعلا (٣) من الفروع النواضر، والليوث الهواصر، فشذّب قيادتها وأباح أحميتها، وأذل صعبتها، وسهّل حزنها، لا كمن اختان الأموال (٤)، وجبن عن القتال، ومنح دبره صدور العوالي ثم أقبل يحسّن الخمر والخيانة والغدر، ويقبّح الوفاء والنجدة والأمانة، قبحا لتلك الشفاة الهدر والأعين السحر، والأنوف الجثم، والألوان الحائلة، والشعور القردة، وقبحا لتلك الأخلاق الشتى أورثتهم عارا وأكسبتهم شنارا، وأبوا أن يأتوا بخير.

وقال أبو الحسن المدائني: سمر خالد عند أمير المؤمنين أبي العباس ففخر قوم من بني الحارث، وخالد ساكت، فقال أمير المؤمنين: يا بن صفوان مالك لا تقول. قال: هؤلاء أخوال أمير المؤمنين. قال: وأنت من أعمامي وليس الأعمام بدون الأخوال. قال: وما أقول لقوم إنما هم بين ناسج برد، وسائس قرد، ودابغ جلد، دل عليهم هدهد، وغرقتهم فأرة، فضحك أبو العباس.

قالوا: وشخص خالد مع سليمان بن علي إلى أبي العباس، ومعه


(١) بهامش الأصل: يعني عبد الملك بن مروان.
(٢) بهامش الأصل: يعني الحجاج.
(٣) المشمعل: الناقة النشيطة، والرجل الخفيف الظريف، أو الطويل. القاموس.
(٤) بهامش الأصل: يعني ابن خالد بن أسيد.