للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلا غضبت لرحل ج … ارك إذ تنبّذه حضاجر (١)

ولقد سبقتهم إل … يّ فلم نزعت وأنت آخر (٢)

وحدثني عبد الله بن صالح العجلي عن ابن كناسة عن مشايخ من أهل الكوفة، أن الحطيئة لما هجا الزبرقان بن بدر استعدى عليه عمر، وكان أشد ما هجاه به عليه قوله:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

فقال عمر رضي الله تعالى عنه: وما عليك إذا قال لك انك طاعم كاس، فدعا حسان بن ثابت، وأمر الزبرقان فأنشده البيت فقال عمر:

أتراه هجاه يا حسان؟ قال: لم يهجه يا أمير المؤمنين، ولكنه خري عليه، هذا أشد من الهجاء، فحبس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الحطيئة حتى بعث إليه مع عياش بن أبي ربيعة المخزومي بأبيات مدحه بها وهي:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … حمر الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة … فاغفر عليك سلام الله يا عمر

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه … ألقى إليك مقاليد النهى البشر

لم يؤثرك بها إذ قدّموك لها … لكن لأنفسهم كانت بك الأثر (٣)

فدعا به فقال له: إياك وهجاء الناس وشتيمتهم وخلى سبيله.

وقال الحطيئة لعمر في قصيدته التي أولها:

نأتك أمامة إلاّ سؤالا … وأبصرت منها بغيب خيالا

إلى ملك عادل حكمه … فلما وضعنا إليه الرحالا


(١) بهامش الأصل: حضاجر الضبع، شبه أمته بها.
(٢) ديوان الحطيئة ص ٣٣ - ٣٤.
(٣) ديوان الحطيئة ص ١٦٤ - ١٦٥.