فقال له ابن عامر: أنت الذي يقال لك ما ابراهيم بخير منك فتسكت؟ فقال: أما والله ما سكوتي إلا تعجّب. وددت والله أني كنت غبارا على قدم ابراهيم ﵊، وأما النساء فقد علمت أنه متى يكن لي امرأة وولد تشعبت الدنيا قلبي فأحببت التخلي، فأجلاه على قتب إلى الشام، فلما قدم أنزله معاوية معه في الخضراء، وبعث إليه بجارية، وأمرها أن تعلمه حاله، فكان يخرج من السحر فلا تراه إلى بعد العتمة، ويبعث إليه معاوية بطعام فلا يعرض له، ويجيء معه بكسر فيجعلها في ماء، ثم يأكل منها، ويشرب ثم يقوم فلا يزال كذلك، ثم يخرج، فكتب معاوية إلى عثمان رضي الله تعالى عنهما يذكر له حاله فكتب إليه: اجعله أول داخل عليك، وآخر خارج، وأمر له بعشرة من الرقيق، وعشرة من الظهر، فأعلمه معاوية فقال:
إن عليّ شيطانا قد غلبني فكيف أجمع هذا على نفسي، ولي بغلة وإني لأشفق أن يسألني الله عن فضل ركوبي ظهرها.
قال بلال بن سعد: أخبرني من رآه على بغلته بأرض الروم يركبها عقبه، ويحمل عليها المهاجرين عقبه وكان إذا فصل غازيا توخى (١) الرفاق، فإذا وافقته رفقة قال: يا هؤلاء إني أريد صحبتكم على أن أكون لكم خادما لا ينازعني أحد منكم الخدمة، وأكون مؤذنا لا ينازعني الأذان أحد، وأنفق فيكم بقدر طاقتي، فإن نازعه أحد في شيء من ذلك رحل عنهم إلى غيرهم.
حدثنا أحمد عن أبي داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال: دخل رجلان على عامر فكلماه في شيء فقال: فوضا أمركما إلى الله تستريحا.