ما يقسم لأحد ممن يشهد الحرب إذا رجعت، وكان أشعر غطفان في زمانه، وكان انقطاع زهير بن أبي سلمي إليه وكان أهل بيت زهير في غطفان، وأم أبي سلمى جدة زهير ابنة سعد بن الغدير، فلما حضرت بشامة الوفاة جعل يقسم ماله في أهل بيته، فقال زهير: يا خالاه اقسم لي من مالك مثل ما تقسم لغيري فقال: قد قسمت لك أكثره وأطيبه يا بن أخي. قال: وما هو؟ قال: قول الشعر، وهو القائل:
أبلغ حباشة أني غير تاركه … حتى أخبّره بعض الذي كانا
قد نأخذ الحق حتى لا يجاوزنا … والحق يحبسنا في حيث يلقانا
يقول: نأخذ حقّنا ونعطي الحق علينا.
قال أبو عبيدة: كان لبشامة جيران من جهينة بن بدر (١)، وكان لبني صرمة بن مرة جيران من بني سلامان من قضاعة، فقتل جيران بني صرمة رهطا من جيران بني سهم بن مرة، فاحترب الحيان من بني صرمة وبني سهم، وكان رئيس بني سهم حصين بن الحمام المري وكانت بينهم قتلى، فقال بشامة يحضّ قومه بني سهم في قصيدة أولها:
نأتك أمامة نأيا طويلا … وحمّلك الخبث وقرأ ثقيلا
ونبئت قومي ولم آتهم … فبلّغ أماثل سهم رسولا
بأنّ الذي سامكم قومكم … هم عدلوه إليكم عدولا
هوان الحياة وخزي المم … اة وكلاً أتاه وخيما وبيلا
فإن لم يكن غير إحداهما … فسيروا إلى الموت سيرا جميلا