وألح حذيفة على قيس حتى أمحكه، وكان يجب (١) خروج قيس عنهم، فراهنه على داحس والغبراء فرسي قيس، على أن الغبراء لحذيفة، ويقال بل راهنه على داحس والغبراء فرسي قيس، وعلى الخطّار والحنفاء فرسي حذيفة، واتفقا على أن الغاية مائة غلوة تنتهي إلى ذات الأصاد، وهي ردهة، ويقال ماء معروف، وأوقف حذيفة قوما في طريق داحس وأمرهم إذا جاء أن يردوا وجهه عن الغاية، وحمل قيس ابنه على داحس وقال:
لا ترسلن له العنان كلّه … وإن علاه عرق وبلّه
وإن جرى العفو وبارى ظله … حتى إذا قلت دنا وعلّه
فارخ ساقيك وأحسن سلّه
وحمل حذيفة ابنه على فرسه، وقال مثل شعر قيس فضحك قيس وقال: يا حذيفة أمثّلت قولي، فضحك حذيفة وقال: الكلام أشباه، فأرسلها مثلا. فلما طلعت الخيل قال: سبقت يا قيس، فقال قيس: بعد اطلاع إيناس. فذهبت مثلا.
فمن زعم أن الخيل كانت أربعة اثنين واثنين يقول لما أرسلت سبقها داحس فتعرض له بعض أصحاب حذيفة الذين وقفهم فلطم وجهه فألقاه في وادي ذات الأصاد فلم يخرج منه حتى فاتته الخيل. وحزم صاحب الغبراء فعدلها عن طريق داحس فلم يشعروا إلا وقد عارضت الخطار وخلفت الحنفاء، ثم نظر الناس إليهما في وعث من الأرض وقد خرج الخطار على الغبراء فقال حذيفة: سبقت والله يا قيس. فقال قيس: رويدك يعلون الجدد فذهب مثلا، فلما استوت بهما الأرض جاءت الغبراء سابقة حتى
(١) بالأصل: وكانت تحب، وهو تصحيف صوابه ما أثبتناه.