للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجسامته وأراد نصر قتله، فقال له أشجع: ما تريد بقتل هذا وأن يحسب عليكم برجل لا خير فيه، وقال بيهس: اكفف عن الإنسان الأحمق، يريد نفسه، دعوه تسكن إليه أمه، فتركه. ثم إن نصرا صار إلى ماء آخر فنحر جزورا، وقال: أظلّوا لحمكم فإن الحر شديد، فقال بيهس: لكن بالكيوانة لحم لا يظلل. وبعضهم يقول: لكن بالأثلاث لحم لا يظلل.

وبعضهم يقول: ببثاء (١) لحم لا يظلل فأرسلها مثلا. فقال نصر: إن بيهسا لمنكر، وهمّ بقتله، فقال بعضهم: ربّ كلمة من أحمق. فكف عنه وفارقهم حين انشعب له طريق أهله، فأتى أمه فسألته عن إخوته فقال:

قتلتهم أشجع. فقالت: ما نجاك من بينهم وأنت أخسهم عندي؟ فقال:

لو خيرك القوم لاخترت، فذهبت مثلا. ثم إن أمه عطفت عليه ورقّت له فقال الناس: قد رئمت أم بيهس بيهسا فقال بيهس: ثكل أرأمهما ولدا، فأرسلها مثلا، ثم أقبلت تعطيه ثياب إخوته وتركتهم عندها، فقال: حبذا التراث لولا الذلة فأرسلها مثلا، فلما احتنك بيهس آلى أن لا يزال يقتل أشجع حيث وجدهم، فمر بنسوة من قومه يصلحن امرأة منهن ليهدينها إلى زوجها وهو بعض من قتل إخوته، فكشف ثوبه عن أسته وغطى به رأسه فقلن: ويحك ما تصنع؟ فقال: أليس لكل حالة لبوسها، إما نعيمها وإما بؤسها، فأرسلها مثلا. وجعل يتبع قتله إخوته فيقتلهم حتى قتل منهم خلقا، ثم قتل نصر بن دهمان وأنشأ يقول:

يا لك نفسا وفت بنذر … أنّى لها الطّعم والسلامة


(١) ذكر ياقوت الأثلات وبثاء في معجمه، وحكى أولا ما أورده البلاذري هنا، ثم روى أن بثاء عين ماء في ديار بني سعد.