للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وخرج تأبط شرا في نفر من قومه، حتى عرض لهم أهل بيت من هذيل فقال: اغنموا هذا البيت أولا، وأتت ضبع عن يساره فكرهها فقال: ابشري أشبعك غدا، فقال له بعض أصحابه: أراها بائن وأنت تلعب، فلما كان في وجه الصبح وقد عدّ أهل ذلك البيت على النّار، فعرف مبلغ عددهم، شد عليهم، وفيهم غلام دوين المحتلم، فسند في الجبل، وعدا تأبط على القوم فقتل وأصحابه شيخا وعجوزا، وحازوا جاريتين وإبلا، ثم قال: ما فعل غلام كان معكم؟ فقيل: سند في الجبل فأتبع تأبط أثره، فقال أصحابه: ويلك دعه فأبى واستدرأ الغلام بقتادة (١) إلى صخرة، وأقبل تأبط فقصّ أثره ففوّق له الغلام سهما حين رأى أنه لا ينجيه شيء وأمهله حتى إذا دنا منه قفز قفزة على الصخرة، وأرسل السهم، فأصاب صدره فقصد قصده وهو يقول: لا بأس، فقال الغلام: لا بأس، أما والله لقد وضعته بحيث تكره. وغشيه تأبط بالسيف فجعل الغلام يلوذ بالقتادة، ويضربها تأبط بحشاشة نفسه، حتى خلص إلى الغلام فقتله، ثم نزل إلى أصحابه مثخنا يجر رجله فقالوا له: مالك؟ فلم يجبهم ومات في أيديهم، فانطلقوا وتركوه فجعل لا يأكل منه سبع ولا طائر إلا مات فاحتملته هذيل فطرحته في غار، فقالت ريطة أخته وهي متزوجة في بني الديل:

نعم الفتى غادرتم برجوان (٢) … بثابت بن جابر بن سفيان


(١) القتادة: شجرة صلبة لها شوك كالأبر وجناة كجناة السمر، تنبت بنجد. معجم أسماء النباتات.
(٢) كذا بالأصل وضبطه صاحب القاموس «رخمان» وكذلك فعل ياقوت في معجمه.