الحجارة، ينزل القوم منهم منزلا فيعمد الرجل منهم إلى أربعة أحجار فينصب ثلاثة منها لقدره ويجعل أحسنها عنده إلها يعبده، ثم لعله أن يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه، ويأخذ غيره، فرأيت أن الحجر لا ينفع ولا يضر فدلّني على دين خير من هذا، فقال: إنه يخرج من مكة رجل يرغب عن آلهة قومه، ويدعو إلى غيرها، فإذا رأيت ذلك فاتبعه. فلم يكن لي همّة حين قال لي ذلك إلا إتيان مكة والمسألة عما حدث، فسألت مرة فقالوا: قد خرج بها رجل راغب عن آلهة قومه، فرجعت إلى أهلي فشددت راحلتي برحلها ثم قدمت منزلي الذي كنت أنزله بمكة فسألت عن رسول الله ﷺ فوجدته مستخفيا، ووجدت قريشا عليه أشداء، فتلطفت حتى دخلت عليه فقلت: أي شيء أنت؟ قال:«نبي» قلت: ومن أرسلك؟ قال:
«الله». قلت: وبماذا أرسلك؟ قال:«بعبادة الله وحده لا شريك له، وبحقن الدماء، وكسر الأوثان، وصلة الرحم وإيمان السبل». فقلت:
نعم ما أرسلت به، قد آمنت بك وصدقتك أفتأمرني أن أمكث معك أو أنصرف؟ قال:«ألا ترى كراهة الناس لما جئت به، كن في أهلك، فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجا فاتبعني». فمكثت في أهلي حتى إذا خرج الى المدينة سرت إليه فقلت: يا نبي الله أتعرفني؟ قال:«نعم أنت السلمي الذي أتيتني بمكة». فقلت يا نبي الله أي الساعات أسمع؟ قال: «الثلث الأخير، ثم الصلاة مشهودة مقبولة حتى تطلع الشمس، فإذا رأيتها قد طلعت حمراء كأنها الحجفة فاقصر عنها، فإنها تطلع بين قرني شيطان فيصلي لها الكفار، فإذا ارتفعت قدر رمح أو رمحين فإن الصلاة مشهودة مقبولة حتى يساوي الرجل ظله، فاقصر عنها فإنها حينئذ تسجر جهنم، فإذا فاء الفيء