وحدثني المدائني عن مسلمة وغيره قال: لما قدم الحجاج العراق سأل عن سيرة زياد، فاجتنب محاسنها، وأخذ بمساوئها.
حدثني محمد بن أبان الواسطي عن أشياخهم قال: كان للحجاج جناح يقعد فيه إلى أن يمضي أكثر الليل، وان بعض الحراس، كان شارب نبيذ فرمى ذلك الجناح بحجر، فاستشاط الحجاج فأمر بطلبه فأتي به فقال:
يا بن اللخناء ما حملك على ما فعلت؟ قال: العيّ واللؤم. فقال: لا تعد فقد أنجاك صدقك. وكان إذا صدّق نفع الصدق عنده.
قالوا: وكان الحجاج يشرف من الخضراء وغيرها فإذا رأى رجلا يطيل الصلاة، قال: هذا حروري فحبسه وربما قتله. وكان لا يرى رجلا يبول أو يحدث في مدينة واسط إلاّ عاقبه فقال بعض الشعراء:
إذا ما خرجنا من مدينة واسط … خرينا وصلينا بغير حساب
المدائني قال: وفد الحجاج إلى عبد الملك، فدخل عليه وعنده خالد بن يزيد بن معاوية، فقال له: يا حجاج إلى كم يكون هذا القتل، إلى كم يكون هذا البسط؟ فقال الحجاج: إلى أن لا يبقى في العراق رجل يزعم أن أباك يشرب الخمر.
قال المدائني: وكان للحجاج طبيب يقال له تياذوق، فاستشاره في أكل السمك فأمره فأطلي بالمسك ثم أكله فقيل له: لقد أقدمت والله لو ضرب عرق لقتلك، فقال: صدقتم وقد سلم الله.
وقال تياذوق لشبيب الناجي، وكان أثيرا عند الحجاج: أمالك إليّ حاجة، فقال: لا، لأني لا أجوع ولا أشبع، ولا آكل لحم شيء أكبر مني. قال: حسبك قد اكتفيت.