للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والناس يأكلون. فكانوا بعد ذلك يحملون معهم خرائط فيها سكر مدقوق، فكلما نفد السكر عن صفحة نثروا عليها وكان يعشي بعد العصر فيحضر الشامي والعراقي لا يرد أحد فرأى رجال من أهل الشام دفع عراقيا بنعل سيفه فضرب الشامي مائة سوط وقال: يا بن اللخناء تدفع الناس عن طعامي؟ وولى يوسف أعرابيا بعض مخاليف اليمن، فلما قدم عليه قال له:

يا عدو الله أخذت مال الله. قال: فممن آخذ إذا بأبي أنت؟ فاستضحك وسوّغه المال.

ودخل عبد أسود مقيدا دار يوسف بالكوفة، والناس يأكلون فدفعه رجل، فصاح به يوسف: دعه ويلك. فجلس فأكل مع الناس، فلما فرغ دعا به فحلّ قيده، وأمر بابتياعه وقال: إن باعك صاحبك فأنت لنا، وإن لم يبعك فاحضر غداءنا في كل يوم، فاشتري ليوسف فأعتقه (١).

وقال الحجاج بن عبد الملك بن الحجاج: تغديت يوما عند يوسف فجعلت أعبث في الأكل فقال لي: كل يا حجاج كما يأكل الرجال فقلت:

إن غلامي جاءني بحبارى، فأكلت منها، فقال لحاجبه: لا أرى وجهه فحجبت. فكلمت غير واحد ليشفع لي فلم أكلم أحدا إلا قال لي لا أتعرض ليوسف فرفعت إليه قصة مع أصحاب الحوائج فلما وقفت بين يديه قال:

ما فعلت الحبارى؟ قلت: لا آكل لحم حبارى أبدا فقال لحاجبه: أعده كما كان، وكنت أتجوع وأحضر طعامه فإذا رآني آكل ضحك.

وكان يوسف بن عمر قصيرا طويل اللحية بجر ثيابه.


(١) تقدم هذا الخبر في ص ٣٧٢٧.