قبيحة، وحدورا كأنها الجدران فقلت له: ما هذا؟ قال: رأيت امرأة في خباء فهويتها وهويتني، وذكرت رفيقا لي كانت تهواه، وكان معنا فقالت:
أصير إليه فأبيت عنده فقلت لها وذاك تقربا إليها بأريحية الشباب: افعلي.
فقالت: بت في الخباء واعلم أن زوجي يجيء ليلا وهو سيئ الخلق فإذا تكلم فلا تكلمه، وانظر ما أمرك به من شيء فاعمله. فجاء ليلا وكان ضعيف البصر، وفي الخباء وطبان أحدهما منخرق الأسفل، فدعا بالوطب فأخذت المنخرق منهما فجعل يصب فيه اللبن وهو يسيل فعمد إلى نسعة فضربني بها وهو يحسبني امرأته، وأنا ساكت حتى أدماني، فهذه الحدور آثار ذلك الضرب.
قال الحرمازي، عن أبي اسماعيل الثقفي: اتخذ هشام مالا بالطائف، فقدم طريح عليه في بعض أمره، فسأله عنه فقال: رأيت خير مال، مكرمة في الذكر، وكنزا للدهر، فاق الأموال، وبذّ الأعمال أفسد ما كان قبله، وأعجز من طلب مثله، زين لمن ابتدعه، وغنى لمن حبي به، رأيت عريضا أريضا بمجباة سيل ومدبّ غيل، كريما تربه، عذبا شربه، فيه نبت تشيح عروقه في الثرى، وتمطر نواصيه الندى، وقد اعلولب وسما، وحسن ونما، شجره دوح، وعروشه سطوح، عظيم أمده، كثير نضده، نهاره ليل، وليله هول، وأمره عجب، ووصفه تعب، يفوت الخبر، ويحسر البصر، طال الأموال، وراق الرجال، يسرّ الودود، ويصرف عين الحسود.
وقالوا كان طريح يكنى أبا الصلت وكان له ابن يقال له الصلت ماتت أمه فطرحه إلى أخواله حين تزوج بعد موت أمه، وفيه يقول: