يومئذ. فلما كبر وضعف، دفع مفاتيح الكعبة إلى ابنته حبى. فكانت تأمر قصيا بفتحها مرة، وتأمر أخاها المخترش - وهو أبو غبشان بن حليل - بذلك أخرى. ثم مات حليل، وصارت الرئاسة إلى ابنه المخترش. فسأل قصي أن يجعل سدانة البيت إليه، ففعل.
قال هشام: ويقال إنّ حليل بن حبشية أوصى لقصي بسدانة البيت إكراما لابنته بذلك. ويقال إنّ قصيا سأل المخترش أن يجعل إليه السدانة، وبذل له ناقة كانت له ناجية؛ وزاده زق خمر. فصيرها إليه. وأنّ المخترش كان مضعوفا.
- قالوا: ولما أخذ قصي مفاتيح الكعبة إليه، أنكرت خزاعة ذلك، وكثر كلامها فيه، وأجمعوا على محاربة قصي وقريش، وطردهم من مكة وما والاها. فبادر قصي باستصراخ رزاح بن ربيعة وأخيه حنّ بن ربيعة، وكان رزاح سيد قضاعة وقائدها، فسار إليه منجدا له في الدهم منها، ومعه أخوه حنّ. فقاتل قصي خزاعة وألفافها من كنانة ومن ولد الربيط (١) وهو الغوث بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر. فلما ظهر قصي على خزاعة، أخرجها من مكة وأدخلها قريشا وقسمها رباعا بينهم، وتولى أمر البيت. وقد كان أبقى على خزاعة بعض الإبقاء للصهر بينه وبينهم. فلما خرجوا عن مكة، وقع فيهم الوباء فمات بشر منهم. وسمى قصي مجمعا لجمعه قريشا وقيامه بأمرهم.
- ويقال إن قصيا لم يحتج إلى محاربة خزاعة، لأن رزاحا لما ورد مكة،
(١) - في جمهرة ابن الكلبي ج ١ ص ٢٧٠: «والغوث بن مر، وهو الربيط، وهو صوفة كانت أمه نذرت، وكان لا يعيش لها ولد: لئن عاش، لتربطن برأسه صوفة ولتجعلنه ربيط الكعبة، ففعلت، وجعلته خادما للبيت حتى بلغ. ثم نزعته. فسمي الربيط».