للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض- الذي هو الليل- أحمر. وأيّ صوت خالطته النار فهو أشد الأصوات، كالصاعقة، والإعصار الذي يخرج من شقّ [١] البحر، وكصوت الموم [٢] ، والجذوة من العود إذا كان في طرفه نار ثم غمسته في إناء فيه ماء نوى منقع.

ثم بالنار يعيش أهل الأرض من وجوه: فمن ذلك صنيع الشمس في برد الماء والأرض؛ لأنها صلاء جميع الحيوان، عند حاجتها إلى دفع عادية البرد. ثمّ سراجهم الذي يستصبحون به، والذي يميزون بضيائه بين الأمور.

وكلّ بخار يرتفع من البحار والمياه وأصول الجبال، وكل ضباب يعلو، وندى يرتفع ثم يعود بركة ممدودة على جميع النبات والحيوان- فالماء الذي يحلّه ويلطّفه، ويفتح له الأبواب، ويأخذ بضبعه [٣] من قعر البحر والأرض النار المخالطة لهما من تحت، والشمس من فوق.

١٣١٠-[عيون الأرض]

وفي الأرض عيون نار، وعيون قطران، وعيون نفط وكباريت وأصناف جميع الفلزّ من الذهب والفضة والرّصاص والنّحاس. فلولا ما في بطونها من أجزاء النار لما ذاب في قعرها جامد، ولما انسبك في أضعافها شيء من الجواهر، ولما كان لمتقاربها جامع، ولمختلفها مفرّق.

١٣١١-[قول العرب في الشمس]

قال: وتقول العرب [٤] «الشمس أرحم بنا» .

وقيل لبعض العرب: أيّ يوم أنفع؟ قال: يوم شمال وشمس.

وقال بعضهم [٥] لامرأته: [من الوافر]

تمنّين الطّلاق وأنت عندي ... بعيش مثل مشرقة الشّمال [٦]


[١] الشّق: الناحية والجانب.
[٢] في اللسان «موم» : (الموم: الشمع، معرب، واحدته مومة) .
[٣] الضبع: العضد كلها أو وسطها.
[٤] انظر تعليق الجاحظ في ٣/١٧٣، الفقرة (٨٠٩) .
[٥] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار ٤/١٢٥، وأخبار النساء ٧٩، واللسان والتاج (شرق) ، والمخصص ٢٣/٩.
[٦] المشرقة؛ مثلثة الراء: الموضع الذي تشرق عليه الشمس. الشمال: الريح الشمالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>