للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يضرب لهما مثلا ذكرته لظرافته:

حكى عن رجل أحدب سقط في بئر، فاستوت حدبته وحدثت له أدرة [١] في خصيته، فهنّاه رجل عن ذهاب حدبته، فقال: الذي جاء شرّ من الذي ذهب!

١٢٦٨-[رد النظام على ضرار في إنكار الكمون]

وكان أبو إسحاق يزعم أن ضرار بن عمرو قد جمع في إنكاره القول بالكمون الكفر والمعاندة؛ لأنه كان يزعم أن التوحيد لا يصحّ إلا مع إنكار الكمون، وأن القول بالكمون لا يصحّ إلا بأن يكون في الإنسان دم. وإنما هو شيء تخلّق عند الرّؤية.

قال: وهو قد كان يعلم يقينا أنّ جوف الإنسان لا يخلو من دم.

قال: ومن زعم أن شيئا من الحيوان يعيش بغير الدم، أو شيء يشبه الدم، فواجب عليه أن يقول بإنكار الطبائع؛ ويدفع الحقائق بقول جهم في تسخين النار وتبريد الثلج، وفي الإدراك والحسّ، والغذاء والسّمّ. وذلك باب آخر في الجهالات.

ومن زعم أن التوحيد لا يصلح إلا بألّا يكون في الإنسان دم، وإلا بأن تكون النار لا توجب الإحراق، والبصر الصحيح لا يوجب الإدراك- فقد دلّ على أنه في غاية النقص والغباوة، أو في غاية التكذيب والمعاندة.

وقال أبو إسحاق: وجدنا الحطب عند انحلال أجزائه، وتفرّق أركانه التي بني عليها، ومجموعاته التي ركّب منها وهي أربع: نار، ودخان، وماء، ورماد، ووجدنا للنار حرّا وضياء، ووجدنا للماء صوتا، ووجدنا للدّخان طعما ولونا ورائحة، ووجدنا للرّماد طعما ولونا ويبسا، ووجدنا للماء السائل من كل واحد من أصحابه. ثمّ وجدناه ذا أجناس ركّبت من المفردات.

ووجدنا الحطب ركّب على ما وصفنا، فزعمنا أنه ركّب من المزدوجات، ولم يركّب من المفردات.

قال أبو إسحاق: فإذا كان المتكلم لا يعرف القياس ويعطيه حقه فرأى أنّ العود حين احتكّ بالعود أحدث النار فإنه يلزمه في الدخان مثل ذلك، ويلزمه في الماء السائل مثل ذلك. وإن قاس قال في الرّماد مثل قوله في الدخان والماء. وإلا فهو إما جاهل، وإمّا متحكم.


[١] الأدرة: انتفاخ في الخصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>