للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعاني إلى منزلها غير مرّة، وخبّرني أنها كانت ذات صنان، وأنه كان معجبا بذلك منها، وأنها كانت تعالجه بالمرتك [١] ، وأنه نهاها مرارا حتى غضب عليها في ذلك.

قال: فلما عرفت شهوتي كانت إذا سألتني حاجة ولم أقضها قالت: والله لأتمرتكنّ، ثم والله لأتمرتكنّ، ثمّ والله لأتمرتكنّ! فلا أجد بدّا من أن أقضي حاجتها كائنا ما كان.

١٥٦٩-[اشتهاء ريح الكرياس]

وحدّثني مويس بن عمران، وكان هو والكذب لا يأخذان في طريق، ولم يكن عليه في الصدق مؤونة، لإيثاره له حتى كان يستوي عنده ما يضرّ وما لا يضر- قال:

كان عندنا رجل يشتهي ريح الكرياس [٢] لا يشفيه دونه شيء، فكان قد أعدّ مجوبا [٣] أو سكة حديد في صورة المبرد، فيأتي الكراييس التي تكون في الأزقة القليلة المارة، فيخرق الكرياس ولا يبالي، أكان من خزف أو من خشب، ثم يضع منخريه عليه، حتى يقضي وطره.

قال: فلقي الناس من سيلان كراييسهم شرّا حتى عثروا عليه فما منعهم من حبسه إلا الرحمة له من تلك البليّة، مع الذي رأوا من حسن هيئته، فقال لهم: يا هؤلاء، لو مررتم بي إلى السلطان كان يبلغ من عقابي أكثر مما أبلغ من نفسي؟ قالوا:

لا والله! وتركوه.

١٥٧٠-[نتن العنز]

قالوا: وهذا شأن التّيس، وهو أبو العنز. «ولا تلد الحيّة إلا حيّة» [٤] ، ولا بد لذلك النّتن عن ميراث في ظاهر أو باطن. وأنشدوا لابن أحمر [٥] : [من البسيط]

إني وجدت بني أعيا وجاملهم ... كالعنز تعطف روقيها فترتضع [٦]

وهذا عيب لا يكون في النّعاج.


[١] المرتك: هو المردارسنج، ويكون من سائر المعادن المطبوخة إلا الحديد. انظر معجم استينجاس ١٢١٢.
[٢] الكرياس: هو الكنيف الذي يكون مشرفا على سطح بقناة إلى الأرض، وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تستقبل القبلة بغائط أو بول يعني الكنف. انظر اللسان «كرس» .
[٣] الجوب: القطع.
[٤] المستقصى ٢/٣٩٠، ومجمع الأمثال ٢/٢٥٩.
[٥] ديوان عمرو بن أحمر ١٢٠، واللسان والتاج (رضع) ، والمعاني الكبير ٦٨٩، وعيون الأخبار ٢/٧٥، وبلا نسبة في ديوان الأدب ٢/٤١٠، والأساس (رضع) .
[٦] أعيا: أبو بطن من أسد. الجامل: قطيع من الإبل معها رعيانها وأربابها. الروق: القرن.

<<  <  ج: ص:  >  >>