للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ

[١] ثم قال: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ

[٢] . وكيف لا أدعو بذلك وأنا أسمع الله تعالى يقول: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ، وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ

[٣] . وكيف لا أقول ذلك وأنا أسمع الله عزّ وجلّ يقول: بِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

َخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ. وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ.

آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ

[٤] .

والأعراب يتزيّدون في هذا الباب. وأشباه الأعراب يغلطون فيه. وبعض أصحاب التأويل يجوّز في هذا الباب ما لا يجوز فيه. وقد قلنا في ذلك في كتاب النّبوّات بما هو كاف إن شاء الله تعالى.

١٧٦٧-[شعر العرب في الجن]

وسيقع هذا الباب والجواب فيه تامّا إذا صرنا إلى القول في الملائكة، وفي فرق ما بين الجن والإنس. وأما هذا الموضع فإنما مغزانا فيه الإخبار عن مذاهب الأعراب، وشعراء العرب. ولولا العلم بالكلام، وبما يجوز مما لا يجوز، لكان في دون إطباقهم على هذه الأحاديث ما يغلط فيه العاقل.

قال عبيد بن أيّوب، وقد كان جوّالا في مجهول الأرض، لمّا اشتد خوفه وطال تردّده، وأبعد في الهرب [٥] : [من الطويل]

لقد خفت حتّى لو تمرّ حمامة ... لقلت عدوّ أو طليعة معشر

فإن قيل أمن قلت هذي خديعة ... وإن قيل خوف قلت حقّا فشمر

وخفت خليلي ذا الصّفاء ورابنى ... وقيل فلان أو فلانة فاحذر

فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقتّر [٦]


[١] ١٢/سبأ: ٣٤.
[٢] ١٣/سبأ: ٣٤.
[٣] ٣٩/النمل: ٢٧.
[٤] ٣٥- ٣٨/ص: ٣٨.
[٥] أشعار اللصوص ٢١٨، ٢٢١، والأبيات (١- ٢- ٣- ٦) في الحماسة البصرية ١/١١١، وتقدمت الأبيات (١- ٢- ٣) في ٥/١٣٢. والبيتان (٤- ٥) في ٤/٥٠٠.
[٦] المتقتر: المتنحي عن الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>