للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستعارات، فإذا قرأتها رأيت فضلها في الإيجاز والجمع للمعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة على الّذي كتبته لك في باب الإيجاز وترك الفضول. فمنها قوله حين وصف خمر أهل الجنّة:

لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ

[١] وهاتان الكلمتان قد جمعتا جميع عيوب خمر أهل الدّنيا.

وقوله عزّ وجل حين ذكر فاكهة أهل الجنّة فقال: لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ

[٢] جمع بهاتين الكلمتين جميع تلك المعاني.

وهذا كثير قد دللتك عليه، فإن أردته فموضعه مشهور.

٥٨٨-[رأي أعرابي في تثمير المال]

وقال أعرابي من بني أسد: [من الطويل]

يقولون ثمّر ما استطعت، وإنما ... لوارثه ما ثمّر المال كاسبه

فكله وأطعمه وخالسه وارثا ... شحيحا ودهرا تعتريك نوائبه

٥٨٩-[شعر في الهجاء]

وقال رجل من بني عبس [٣] : [من البسيط]

أبلغ قرادا لقد حكّمتم رجلا ... لا يعرف النّصف بل قد جاوز النّصفا

كان امرأ ثائرا والحقّ يغلبه ... فجانب السّهل سهل الحقّ واعتسفا

وذاكم أنّ ذلّ الجار حالفكم ... وأنّ أنفكم لا يعرف الأنفا

إنّ المحكّم ما لم يرتقب حسبا ... أو يرهب السّيف أو حدّ القنا جنفا [٤]

من لاذ بالسّيف لاقى قرضه عجبا ... موتا على عجل أو عاش منتصفا

بيعوا الحياة بها إذ سام طالبها ... إمّا رواحا وإما متة أنفا

ليس امرؤ خالدا والموت يطلبه ... هاتيك أجساد عاد أصبحت جيفا

أبلغ لديك أبا كعب مغلغلة ... أنّ الذي بيننا قد مات أو دنفا


[١] ١٩/الواقعة: ٥٦.
[٢] ٣٣/الواقعة: ٥٦.
[٣] البيتان الرابع والخامس في البيان والتبيين ١/٣١١.
[٤] الجنف: الميل والجور. «القاموس: جنف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>