للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٥١-[دفاع صاحب السنور]

وقال المحتجّ للسنانير: قد قالوا: «أبر من هرّة» [١] و «أعق من ضبّ» [٢] ، وهذا قول الذين عاينوها تأكل أولادها. وزعموا أن ذلك من شدة الحبّ لها. وقال بعضهم: إنما يعتريها ذلك من جنون يعتريها عند الولادة، وجوع يذهب معه علمها بفرق ما بين جرائها وجراء غيرها من الأجناس، ولأنها متى أشبعت أو أطعمت شطر شبعها لم تعرض لأولادها. والرد على الأمم أمثالها عمل مسخوط. والعرب لا تتعصب للسنّور على الضبّ؛ فيتوهّم عليها في ذلك خلاف الحقّ، وإنما هذا منكم على جهة قولكم في السنور إذا نجث [٣] لنجوه ثم ستره، ثم عاود ذلك المكان فشمّه فإذا وجد رائحة زاد عليه من التراب. فقلتم: ليس الكرم وستر القبيح أراد، وإنما أراد تأنيس الفأر. فنحن لا ندع ظاهر صنيعه الذي لا حكم له إلا الجميل لما يدّعي مدّع من تصاريف الضمير.

وعلى أن الذي قلتموه إن كان حقّا فالذي أعطيتموه من فضيلة التدبير أكثر مما سلبتموه من فضيلة الحياء.

١٤٥٢-[العيون التي تسرج بالليل]

قال: والعيون التي تسرج بالليل: عيون الأسد، والأفاعي؛ والسنانير، والنّمور.

والأسد سجر [٤] العيون. وعيون السنانير منها زرق، ومنها ذهبية، كعيون أحرار الطير وعتاقها. وعيون الأفاعي بين الزّرق والذهبية. وقال حسان بن ثابت [٥] : [من الطويل]

ثريد كأنّ السّمن في حجراته ... نجوم الثّريّا أو عيون الضّياون


[١] مجمع الأمثال ١/١١٦، والدرة الفاخرة ١/٧٥، ٨٢، وجمهرة الأمثال ١/٢٠٤، ٢٤٣، والمستقصى ١/١٧.
[٢] مجمع الأمثال ٢/٤٧، والدرة الفاخر ١/٣٠٦، وجمهرة الأمثال ٢/٦٩، والمستقصى ١/٢٥٠، وأمثال ابن سلام ٣٦٩.
[٣] بخيث البئر والحفرة: ما خرج من ترابهما.
[٤] السجرة: حمرة في العين في بياضها، وبعضهم يقول: إذا خالطت الحمرة الزرقة فهي أيضا سجراء.
وقال بعضهم: هي الحمرة في سواد العين، وقيل: البياض الخفيف في سواد العين، وقيل: هي كدرة في بطن العين من ترك الكحل. اللسان ٤/٣٤٧ (سجر) .
[٥] لم يرد البيت في ديوان حسان بن ثابت، وهو بلا نسبة في اللسان والتاج (ضون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>