للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغنّت عليه بلحن لها ... يهيّج للصّبّ ما قد مضى

مطوّقة كسبت زينة ... بدعوة نوح لها إذ دعا

فلم أر باكية مثلها ... تبكّي ودمعتها لا ترى

أضلّت فريخا فطافت له ... وقد علقته حبال الرّدى

فلما بدا اليأس منه بكت ... عليه، وماذا يردّ البكا

وقد صاده ضرم ملحم ... خفوق الجناح حثيث النّجا [١]

حديد المخالب عاري الوظي ... ف ضار من الورق فيه قنا

ترى الطّير والوحش من خوفه ... جوامز منه إذا ما اغتدى

٦٨١-[نزاع صاحب الدّيك في الفخر بالطوق]

قال صاحب الديك: وأمّا قوله: [من الوافر]

مطوّقة كساها الله طوقا ... ولم يخصص به طيرا سواها

كيف لم يخصص بالأطواق غير الحمام، والتّدارج أحقّ بالأطواق وأحسن أطواقا منها، وهي في ذكورتها أعمّ؟! وعلى أنّه لم يصف بالطّوق الحمامة التي فاخرتم بها الدّيك؛ لأنّ الحمامة ليست بمطوّقة، وإنما الأطواق لذكورة الوارشين وأشباه الوارشين، من نوائح الطّير وهواتفها ومغنّياتها. ولذلك قال شاعركم، حيث يقول [٢] :

[من الطويل]

أعاتك لا أنساك ما هبّت الصّبا ... وما ناح قمريّ الحمام المطوّق

وقال الآخر [٣] : [من المتقارب]

وقد شاقني نوح قمرية ... طروب العشيّ هتوف الضّحى

ووصفها فقال: [من المتقارب]

مطوّقة كسيت زينة ... بدعوة نوح لها إذ دعا

فإن زعمتم أنّ الحمام والقمريّ واليمام والفواخت والدّباسيّ [٤] والشّفانين


[١] الضرم: الشديد الجوع «القاموس: ضرم» . الملحم: الذي يطعم اللحم «القاموس: لحم» . حثيث النجا: السريع الطيران.
[٢] البيت لعبد الله بن أبي بكر؛ كما تقدم في الصفحة السابقة.
[٣] البيت لجهم بن خلف أو لأبي صفوان الأسدي؛ كما تقدم في الصفحة السابقة.
[٤] الدباسي: جمع دبسي، طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب، وهو من الحمام البري. حياة الحيوان ١/٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>