للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها وأبصار سعال جهّد ... يغدون بالجهد وبالتشرّد

زحفا وحبوا مثل حبو المقعد

١٨٧٥-[الحرباء]

وأمّا قوله:

٣٤- «حرباؤها في قيظها شامس ... حتّى يوافي وقته العصر

٣٥- يميل بالشّقّ إليها كما ... يميل في روضته الزّهر»

قال: والحرباء دويبّة أعظم من العظاءة أغبر ما كان فرخا، ثم يصفرّ، وإنّما حياته الحر. فتراه أبدا إذا بدت جونة يعني الشّمس، قد لجأ بظهره إلى جذيل [١] ، فإن رمضت الأرض ارتفع. ثم هو يقلّب بوجهه أبدا مع الشّمس حيث دارت، حتّى تغرب، إلا أن يخاف شيئا. ثم تراه شابحا بيديه [٢] ، كما رأيت من المصلوب. وكلما حميت عليه الشّمس رأيت جلده قد يخضرّ، وقد ذكره ذو الرّمّة بذلك فقال [٣] : [من الطويل]

يظلّ بها الحرباء للشّمس ماثلا ... على الجذل إلّا أنّه لا يكبّر

إذا حوّل الظّلّ العشيّ رأيته ... حنيفا وفي قرن الضّحى يتنصّر

غدا أصفر الأعلى وراح كأنّه ... من الضّحّ واستقباله الشّمس أخضر [٤]

١٨٧٦-[خضوع بعض الأحياء للشمس]

وكذا الجمل أيضا يستقبل بهامته الشّمس، إلّا أنه لا يدور معها كيف دارت كما يفعل الحرباء.

وشقائق النّعمان والخيريّ يصنع ذلك، ويتفتّح بالنهار. وينضمّ بالليل، والنّيلوفر الذي ينبت في الماء يغيب الليل كلّه ويظهر بالنهار، والسّمك الذي يقال له


[١] الجذيل: مصغر جذل وهو من العيدان ما كان على مثال شماريخ النخل، وما عظم من أصول الشجر المقطع.
[٢] شبح يديه: مدهما.
[٣] ديوان ذي الرمة ٦٣١، والأول له في اللسان (حول) ، وديوان المعاني ٢/١٤٧، وينسب إلى زهير ابن أبي سلمى في اللسان والتاج (مثل) ، وليس في ديوانه. والثاني في اللسان (حول، ولى) ، والتاج (حول) ، والتهذيب ١٥/٤٥٢، وديوان الأدب ٢/٣٨١، والثالث في اللسان والتاج (ضحح) ، وديوان الأدب ٣/٣٠.
[٤] الضح: ضوء الشمس على الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>