ولو لم يكن من أعاجيب الفيل إلّا خرطومه الذي هو أنفه وهو يده، وبه يوصل الطعام والشّراب إلى جوفه، وهو شيء بين الغضروف واللحم والعصب، وبه يقاتل ويضرب، ومنه يصيح، وليس صياحه في مقدار جرم بدنه. ويضرب به الأرض ويرفعه في السّماء ويصرّفه كيف شاء، وهو مقتل من مقاتله. والهند تربط في طرفه سيفا شديد المتن فيقاتل به، مع ما في ذلك من التهويل على من عاينه «١» .
٢٠٩٨-[سباحة الفيل والجاموس والبعير]
وهو مع عظم بدنه جيّد السّباحة إلّا أنه يخرج خرطومه ويرفعه في الهواء صعدا لأنّه أنفه. ألا ترى أنّ الجاموس يغيب جميع بدنه في الماء إلّا منخريه.
والبعير قبيح السّباحة: لأنه لا يسبح إلّا على جنبه فهو في ذلك بطيء ثقيل.
والبعير مما يخاير «٢» بينه وبين الفيل، فلذلك ذكرناه.
٢٠٩٩-[ما يغرق من الحيوان]
وقد علمنا أنّ الإنسان يغرق في الماء ما لم يتعلّم السّباحة. فأمّا الفرس الأعسر والقرد فإنّهما يغرقان البتّة، والعقرب تقوم وسط الماء لا طافية ولا لازقة بالأرض.
٢١٠٠-[أشراف السباع وساداتها]
وأشراف السّباع وساداتها وكبارها ورؤساؤها ثلاثة: الكركدّن والفيل والجاموس. قال: ولعلّ بعض من اعتاد الاعتراض على الكتب يقول: وأين الخيل والإبل، وفيها من خصال الشّرف والمنافع والغناء في السّفر والحضر، وفي الحرب والسّلم، وفي الزّينة والبهاء، وفي العدّة والعتاد، ما ليس عند الكركدّن ولا عند الفيل ولا عند الجاموس.
قال القوم: ليس إلى هذا الباب ذهبنا، ولا إليه قصدنا، ولا ذلك الباب ممّا يجوز أن ندخله في هذا الباب. ولكنّا ذهبنا إلى المحاماة والدّفع عن الأنفس والقتال دون الأولاد، وإلى الامتناع من الأضداد بالحيلة اللطيفة، وبالبطش الشديد، وليس عند الخيل والإبل إذا صافت الأسد والنّمور والببور، ما عند الجاموس والفيل. فأمّا الكركدّن فإن كلّ شيء من الحيوان يقصّر عن غايته التقصير الفاحش.