للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب القول في الغربان]

اللهم جنبنا التكلّف، وأعذنا من الخطأ، واحمنا العجب بما يكون منه، والثّقة بما عندنا، واجعلنا من المحسنين.

نذكر على اسم الله جمل القول في الغربان، والإخبار عنها، وعن غريب ما أودعت من الدّلالة، واستخزنت من عجيب الهداية.

وقد كنّا قدّمنا ما تقول العرب في شأن منادمة الغراب والدّيك وصداقته له، وكيف رهنه عند الخمّار، وكيف خاس به وسخر منه وخدعه وكيف خرج سالما غير غارم، وغانما غير خائب، وكيف ضربت به العرب الأمثال، وقالت فيه الأشعار، وأدخلته في الاشتقاق لزجرها عند عيافتها وقيافتها، وكيف كان السبب في ذلك.

٨٣٧-[ذكر الغراب في القرآن]

فهذا إلى ما حكى الله عزّ وجلّ من خبر ابني آدم، حين قرّبا قربانا فحسد الذي لم يتقبّل منه المتقبل منه، فقال عندما همّ به من قتله، وعند إمساكه عنه، والتّخلية بينه وبين ما اختار لنفسه: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ

[١] . ثم قال: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ

[٢] حتّى قال القائل، وهو أحد ابني آدم ما قال: فلولا أنّ للغراب فضيلة وأمورا محمودة، وآلة وسببا ليس لغيره من جميع الطّير لما وضعه الله تعالى في موضع تأديب الناس، ولما جعله الواعظ والمذكّر بذلك. وقد قال الله عزّ وجلّ:


[١] ٢٩/المائدة: ٥.
[٢] ٣٠- ٣١/المائدة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>