للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٠٦-[نطق الحية]

وفي أنّ الحيّة قد كانت تسمع وتنطق، يقول النّابغة في المثل الذي ضربه، وهو قوله [١] : [من الطويل]

أليس لنا مولى يحبّ سراحنا ... فيعذرنا من مرّة المتناصره

ليهنكم أن قد نفيتم بيوتنا ... محلّ عبيدان المحلّئ باقره [٢]

وإني للاق من ذوي الضّغن نكبة ... بلا عثرة والنفس لا بدّ عاثره

كما لقيت ذات الصّفا من حليفها ... وما انفكّت الأمثال في الناس سائره

فقالت له: أدعوك للعقل وافرا ... ولا تغشينّي منك للظّلم بادره [٣]

فواثقها بالله حتّى تراضيا ... فكانت تديه الجزع خفيا وظاهره

فما توفّى العقل إلّا أقلّه ... وجارت به نفس عن الخير جائره

تفكّر أنّى يجمع الله شمله ... فيصبح ذا مال ويقتل واتره

فظلّ على فأس يحدّ غرابها ... ليقتلها، والنّفس للقتل حاذره [٤]

فلما وقاها الله ضربة فأسه ... ولله عين لا تغمّض ساهره

فقال: تعالي نجعل الله بيننا ... على العقل حتّى تنجزي لي آخره

فقالت: يمين الله، أفعل؛ إنّني ... رأيتك ختّارا يمينك فاجره

أبى لك قبر لا يزال مواجها ... وضربة فأس فوق رأسي فاقره [٥]

فذهب النّابغة في الحيّات مذهب أميّة بن أبي الصّلت، وعديّ بن زيد، وغيرهما من الشعراء.

١١٠٧-[حال الصخور والأشجار في ماضي الزمان]

وأنشدني عبد الرحمن بن كيسان: [من الطويل]

فكان رطيبا يوم ذلك صخرها ... وكان خضيدا طلحها وسيالها [٦]


[١] ديوان النابغة الذبياني ٢٠٢- ٢٠٣. وشرح الأبيات التالية منه.
[٢] في ديوانه «المحلئ: الذي يمنع الإبل أن ترد الماء، والباقر: جماعة البقر» .
[٣] «العقل: عزم الدية» .
[٤] «يحد غرابها: يعني طرفها وحدّها» .
[٥] «فاقرة: مؤثرة» .
[٦] خضد الشوك: قطعه. (القاموس: خضد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>