للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر فيها من أهلك الله عز ذكره، من الملوك، وقصم من الجبابرة، وأباد من الأمم الخالية- فقال: [من الخفيف]

أعلقت تبّعا حبال المنون ... وانتحت بعده على ذي جدون [١]

وأصابت من بعدهم آل هرما ... س وعادت من بعد للسّاطرون [٢]

ملك الحضر والفرات إلى دج ... لة شرقا فالطور من عبدين [٣]

كل حمل يمرّ فوق بعير ... فله مكسه ومكس السّفين

والأعراب يزعمون أن الله تعالى عزّ وجلّ لم يدع ماكسا ظالما إلا أنزل به بلية، وأنّه مسخ منهم ضبعا وذئبا. فلهذه القرابة تسافدا وتناجلا، وإن اختلفا في سوى ذلك. فمن ولدهما السّمع والعسبار. وإنما اختلفا لأنّ الأمّ ربما كانت ضبعا والأب ذئبا، وربما كانت الأمّ ذئبة والأب ذيخا. والذّيخ: ذكر الضّباع.

١٧٦٠-[ذكر الأمم التي أهلكها الله]

وأمّا قوله: [من الخفيف]

٣- «بعث الذّرّ والجراد وقفّى ... بنجيع الرّعاف في حيّ بكر»

فإنّ الإعراب تزعم أن الله تعالى قد أهلك بالذرّ أمما. وقد قال أميّة بن أبي الصّلت [٤] : [من الخفيف]

أرسل الذّرّ والجراد عليهم ... وسنينا فأهلكتهم ومورا

ذكر الذّرّ إنّه يفعل الشّ ... رّ وإنّ الجراد كان ثبورا

وأما قوله: «وقفّي بنجيع الرّعاف في حيّ بكر» فإنّه يريد بكر بن عبد مناة، لأنّ كنانة بنزولها مكّة كانوا لا يزالون يصيبهم من الرّعاف ما يصير شبيها بالموتان، ويجارف الطاعون. وكان آخر من مات بالرّعاف من سادة قريش هشام بن المغيرة.

وكان الرّعاف من منايا جرهم أيام جرهم، ولذلك قال شاعر في الجاهلية، من إياد [٥] : [من المتقارب]


[١] الإعلاق: وقوع الصيد في الحبل. ذو جدون: أراد ذو جدن، وهو من أذواء اليمن.
[٢] الهرماس: نهر نصيبين. الساطرون: ملك من ملوك العجم قتله سابور ذو الأكتاف.
[٣] ورد هذا البيت بلا نسبة في معجم البلدان ٤/٤٨ (طور عبدين) ، الحضر: مدينة بإزاء تكريت في البرية؛ بينها وبين الموصل والفرات، كان يمر بها نهر الثرثار. طور عبدين: بليدة من أعمال نصيبين في بطن الجبل المشرف عليها؛ المتصل بجبل الجودي، وهي قصبة كورة فيه.
[٤] ديوان أمية بن أبي الصلت ٤٠٤- ٤٠٥، وتقدم البيتان في الفقرة (٩٤٩) ٤/١٤.
[٥] البيتان لبشير بن الحجير الإيادي في مجمع الأمثال، وبلا نسبة في البيان ٢/١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>