وزعموا- وكذلك هو في كتبهم- أنّ ملوك فارس، كانت لهجة بالصيد؛ إلا أنّ بهرام جور هو المشهور بذلك في العوامّ.
وهم يزعمون أنّ فيروز بن قباذ الملك الفارسيّ، ألحّ في طلب حمار أخدري «١»
؛ وقد ذكر له ووصف؛ فطاوله عند طلبه والتماسه، وجدّ في ذلك فلجّ به عند طلبه الاغترام، وأخرجته الحفيظة إلى أن آلى ألّا يأخذه إلا أسرا، ولا يطارده إلا فردا، فحمل فرسه عليه، فحطّه في خبار «٢»
فجمع جراميزه «٣»
وهو على فرسه ووثب؛ فإذا هو على ظهره؛ فقمص به، فضم فخذيه فحطّم بعض أضلاعه، ثم أقبل به إلى معظم الناس، وهم وقوف ينظرون إليه وهو راكبه.
قالوا: وكان الملك منهم إذا أخذ عيرا أخدريّا وغير ذلك؛ فإذا وجده فتيا وسمه باسمه وأرّخ في وسمه يوم صيده وخلّى سبيله، وكان كثيرا إذا ما صاده الملك الذي يقوم به بعده. سار فيه مثله تلك السّيرة وخلّى سبيله، فعرف آخرهم صنيع أوّلهم؛ وعرفوا مقدار مقادير أعمارها.
١٠٣-[الحكمة في تخالف الميول]
ولولا أنّ ناسا من كلّ جيل، وخصائص من كلّ أمّة، يلهجون ويكلفون بتعرّف معاني آخرين لدرست. ولعلّ كثيرا من هؤلاء يزري على أولئك، ويعجّب الناس من تفرّغهم لما لا يجدي، وتركهم التشاغل بما يجدي، فالذي حبّب لهذا أن يرصد عمر حمار أو ورشان أو حيّة أو ضبّ، هو الذي حبّب إلى الآخر أن يكون صيّادا للأفاعي والحيّات، يتتبّعها ويطلبها في كلّ واد وموضع وجبل للترياقات. وسخّر هذا ليكون سائس الأسد والفهود والنّمور والببور «٤»