وقد سمّوا بأسد وليث وأسامة وضرغامة. وتركوا أن يسمّوا بسبع وسبعة. وسبع هو الاسم الجامع لكلّ ذي ناب ومخلب.
قال الأوّل: قد تسمّوا أيضا بأسماء الجبال، فتسمّوا بأبان وسلمى.
قال آخرون: إنّما هذه أسماء ناس سمّوا بها هذه الجبال، وقد كانت لها أسماء تركت لثقلها، أو لعلّة من العلل؛ وإلّا فكيف سمّوا بسلمى وتركوا أجأ ورضوى.
وقال بعضهم: قد كانوا ربّما فعلوا ذلك على أن يتّفق لواحد ولود ولمعظّم جليل، أن يسمع أو يرى حمارا، فيسمّي ابنه بذلك؛ وكذلك الكلب والذئب، ولن يتفق في ذلك الوقت أن يسمع بذكر فرس ولا حجر أو هواء أو ماء؛ فإذا صار حمار، أو ثور، أو كلب اسم رجل معظّم، تتابعت عليه العرب تطير إليه، ثم يكثر ذلك في ولده خاصّة بعده. وعلى ذلك سمّت الرعية بنيها وبناتها بأسماء رجال الملوك ونسائهم، وعلى ذلك صار كلّ عليّ يكنى بأبي الحسن، وكل عمر يكنى بأبي حفص، وأشباه ذلك. فالأسماء ضروب، منها شيء أصليّ كالسّماء والأرض والهواء والماء والنار، وأسماء أخر مشتقّات منها على جهة الفأل، وعلى شكل اسم الأب، كالرجل يكون اسمه عمر فيسمى ابنه عميرا، ويسمّي عمير ابنه عمران، ويسمّي عمران ابنه معمرا.
وربّما كانت الأسماء بأسماء الله عزّ وجلّ مثل ما سمى الله عز وجلّ أبا إبراهيم آزر، وسمّى إبليس بفاسق، وربّما كانت الأسماء مأخوذة من أمور تحدث في الأسماء؛ مثل يوم العروبة سمّيت في الإسلام يوم الجمعة «١» ، واشتقّ له ذلك من صلاة يوم الجمعة.
٢٤١-[الألفاظ الجاهلية المهجورة]
وسنقول في المتروك من هذا الجنس ومن غيره، ثم نعود إلى موضعنا الأوّل إن شاء الله تعالى.
ترك النّاس مما كان مستعملا في الجاهلية أمورا كثيرة، فمن ذلك تسميتهم للخراج إتاوة، وكقولهم للرشوة ولما يأخذه السّلطان: الحملان والمكس. وقال جابر ابن حنيّ:[من الطويل]
أفي كلّ أسواق العراق إتاوة ... وفي كلّ ما باع امرؤ مكس درهم «٢»