بأعيانهم هم الذين زعموا أن النمر الأنثى تضع في مشيمة واحدة جروا وفي عنقه أفعى قد تطوّقت به، وإذا لم يأتنا في تحقيق هذه الأخبار شعر شائع، أو خبر مستفيض، لم نلتفت لفته، وقد أقررنا أن للسّقنقور أيرين، وكذلك الحرذون والضبّ، حين وجدناه ظاهرا على ألسنة الشّعراء وحكاية الأطبّاء.
٢١٢٩-[خرطوم الفيل]
والخرطوم للفيل هو أنفه، ويقوم مقام يده ومقام عنقه «١» ، والخرق الذي هو فيه لا ينفذ، وإنما هو وعاء إذا ملأه الفيل من طعام أو ماء أولجه في فيه، لأنّه قصير العنق لا ينال ماء ولا مرعى. وإنما صار ولد البختيّ من البختيّة جزور لحم لقصر عنقه، ولعجزه عن تناول الماء والمرعى.
٢١٣٠-[خرطوم البعوضة]
وللبعوضة خرطوم، وهي تشبّه بالفيل إلّا أنّ خرطومها أجوف فإذا طعن به في جوف الإنسان والبهيمة فاستقى به الدّم من جوفه قذفت به إلى جوفها، فهو لها كالبلعوم والحلقوم.
وللذبابة خرطوم تخرجه إذا أرادت الدّم، وتدخله إذا رويت. فأمّا من سمّى خطم الخنزير والكلب والذّئب خرطوما فإنما ذلك على التشبيه. وكذلك يقولون لكلّ طويل [الخطم]«٢» قصير اللّحيين.
وقد يقال للخطم خرطوم على قوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ
«٣» .
وأنشدنا ابن الأعرابي لفتى من بني عامر:[من البسيط]
ولا أقوم على شيخي فأشتمه ... ولا أمرّ على تلك الخراطيم
جعل سادة عشيرته في النّادي والمجالس كالخراطيم والمقاديم والهوادي، وعلى ذلك قالوا: بنو فلان أنف بني فلان ورؤوسهم وخراطيمهم، ومعنى العامريّ الذي ذهب إليه في شعره كأنّه عظّم المشيخة أن يمرّ بهم، وقد قال الشاعر «٤» : [من الوافر]