يكون فيما وضع منفعة، وأن يكون له نسبة ينسب إليها، وأن يكون صحيحا، وأن يكون على صنف من أصناف الكتب معروفا به، وأن يكون مؤتلفا من أجزاء خمسة، وأن يكون مسندا إلى وجه من وجوه الحكمة، وأن يكون له تدبير موصوف.
فذكر أن أبقراط قد جمع هذه الثمانية الأوجه في هذا الكتاب، وهو كتابه الذي يسمى (أفوريسموا) ، تفسيره كتاب الفصول.
٦٩-[تشبيه الكلب بالخلق المركب]
وقولك: وما بلغ من قدر الكلب مع لؤم أصله، وخبث طبعه، وسقوط قدره، ومهانة نفسه، ومع قلّة خيره وكثرة شره، واجتماع الأمم كلّها على استسقاطه، واستسفاله، ومع ضربهم المثل في ذلك كلّه به، ومع حاله التي يعرف بها، ومن العجز عن صولة السّباع واقتدارها، وعن تمنّعها وتشرّفها، وتوحّشها وقلة إسماحها، وعن مسالمة البهائم وموادعتها، والتمكين من إقامة مصلحتها والانتفاع بها، إذ لم يكن في طبعها دفع السباع عن أنفسها، ولا الاحتيال لمعاشها، ولا المعرفة بالمواضع الحريزة من المواضع المخوفة، ولأنّ الكلب ليس بسبع تام، ولا بهيمة تامة، حتى كأنه من الخلق المركّب والطبائع الملفّقة، والأخلاط المجتلبة، كالبغل المتلوّن في أخلاقه، الكثير العيوب المتولّدة عن مزاجه.
٧٠-[الطبائع الملفقة]«١»
وشرّ الطبائع ما تجاذبته الأعراق المتضادّة. والأخلاق المتفاوتة، والعناصر المتباعدة، كالراعبيّ من الحمام، الذي ذهبت عنه هداية الحمام «٢» ، وشكل هديره وسرعة طيرانه، وبطل عنه عمر الورشان، وقوّة جناحه وشدة عصبه، وحسن صوته، وشحو «٣» حلقه، وشكل لحونه، وشدّة إطرابه، واحتماله لوقع البنادق وجرح المخالب، وفي الراعبي أنّه مسرول مثقل، وحدث له عظم بدن، وثقل وزن لم يكن لأبيه ولا لأمّه.
وكذلك البغل، خرج من بين حيوانين يلدان حيوانا مثلهما، ويعيش نتاجهما ويبقى بقاءهما، وهو لا يعيش له ولد وليس بعقيم، ولا يبقى للبغلة ولد وليست