وهم يرونه، وربّما لم يرض بذلك حتّى يعود في قيئه. وهذا كله مما لا ينبغي أن يحضره الرئيس، ويشهده ربّ الدار. وهو على الحاشية أجوز.
٣٤٥-[الأكل بين أيدي السباع]
فأمّا علماء الفرس والهند، وأطبّاء اليونانيّين ودهاة العرب، وأهل التّجربة من نازلة الأمصار وحذّاق المتكلّمين، فإنهم يكرهون الأكل بين أيدي السّباع، يخافون نفوسها وأعينها، للّذي فيها من الشّره والحرص، والطّلب والكلب، ولما يتحلّل عند ذلك من أجوافها من البخار الرديء، وينفصل من عيونها من الأمور المفسدة، التي إذا خالطت طباع الإنسان نقضته.
وقد روي مثل ذلك عن الثّوري عن سماك بن حرب عن ابن عبّاس أنّه قال على منبر البصرة: إنّ الكلاب من الحنّ، وإنّ الحنّ من ضعفة الجنّ، فإذا غشيكم منها شيء فألقوا إليه شيئا واطردوها، فإنّ لها أنفس سوء «١» .
ولذلك كانوا يكرهون قيام الخدم بالمذابّ والأشربة على رؤوسهم وهم يأكلون؛ مخافة النفس والعين. وكانوا يأمرون بإشباعهم قبل أن يأكلوا، وكانوا يقولون في السّنّور والكلب: إمّا أن تطرده قبل أن تأكل وإمّا أن تشغله بشيء يأكله، ولو بعظم.
ورأيت بعض الحكماء وقد سقطت من يده لقمة فرفع رأسه، فإذا عين غلام له تحدّق نحو لقمته، وإذا الغلام يزدرد ريقه لتحلّب فمه من الشّهوة. وكان ذلك الحكيم جيّد اللّقم، طيّب الطعام، ويضيّق على غلمانه. فيزعمون أنّ نفوس السّباع وأعينها في هذا الباب أردأ وأخبث.
٣٤٦-[إصابة العين]
وبين هذا المعنى وبين قولهم في إصابة العين الشيء العجيب المستحسن شركة وقرابة؛ وذلك أنّهم قالوا: قد رأينا رجالا ينسب ذلك إليهم، ورأيناهم، وفيهم من إصابة العين مقدار من العدد، لا نستطيع أن نجعل ذلك النّسق من باب الاتّفاق. وليس إلى ردّ الخبر سبيل؛ لتواتره وترادفه، ولأنّ العيان قد حقّقه، والتجربة قد ضمّت إليه.
وفي الحديث المأثور في العين التي أصابت سهل بن حنيف فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بالذي أمر، وذلك مشهور «٢» .