وقال آخرون: الخصاء غير شبيه بالميسم «١» ، لأنّ في الخصاء من شدّة الألم، ومن المثلة «٢» ، ومن قطع النّسل، ومن إدخال النقص على الأعضاء، والنقص لموادّ القوى، ما ليس في الميسم وغيره، وهو بقطع الألية أشبه، والسّمة إنّما هي لذعة، والخصاء مجاوز لكلّ شديدة.
قال القوم: ولا بأس بقطع الألية إذا منعت بثقلها أو عظمها الشاة من اللّحاق بالقطيع وخيف عليها من الذئب. وقطع الألية في جواز العقول أشبه من الميسم، لأنّ الميسم ليس للبعير فيه حظّ، وإنّما الحظّ فيه لربّ المال، وقطع الألية من شكل الختان، ومن شكل البطّ «٣» والفصد «٤» ، ومن جنس الوجور والبيطرة، ومن جنس اللّدود «٥» والحجامة، ومن جنس الكيّ عند الحاجة، وقطع الجارحة إذا خيف عليها الأكلة.
١٣١-[وسم الإبل]
قال الأوّلون: بل لعمري إنّ للإبل في السّمات لأعظم المنافع، لأنّها قد تشرب بسماتها ولا تذاد عن الحوض إكراما لأربابها، وقد تضلّ فتؤوى، وتصاب في الهواشات «٦» فتردّ.
قالوا: فإنا لا نسألكم إلّا عن سمات الخيل والبغال والحمير والغنم. وبعد فكيف نستجيز أن نعمّها بالإحراق بالنار، لأمر عسى ألّا يحتاج إليه من ألف بعير واحد، ثم عسى ألّا يحتاج من جميع ذلك في جميع عمره إلّا إلى شربة واحدة.
وقال القوم: إنّما المياسم في النّعم السائمة كالرّقوم في ثياب البزّاز، ومتى ارتفعت الرقوم ومنعت المياسم، اختلطت الأموال، وإذا اختلطت أمكن فيها الظلم، والمظلوم باذل نفسه دون المعيشة والهضيمة.